قليلا أو كثيرا، لتقييده في المحقون بالكرية وإطلاقه في الجاري، ومثله كثير من الأصحاب، بل قال في المعتبر: " ولا ينجس الجاري بالملاقاة وهو مذهب فقهائنا أجمع " إلى أن قال بعد ذلك: " ولا الكثير من الراكد " فعلم أنه لا فرق بين قليل الجاري وكثيره.
وعن شرح الجمل لابن البراج نقل الاجماع على عدم نجاسة الجاري مع التصريح فيه بعدم الفرق بين القليل والكثير، ومثله عن الغنية، وربما ظهر من عبارة الخلاف نقل الاجماع على ذلك، وفي الذكرى إني لم أقف فيه على مخالف ممن سلف أي ممن تقدم على العلامة، ونسب رأى العلامة في جامع المقاصد إلى مخالفة مذهب الأصحاب، وعن حواشي التحرير نقل الاجماع صريحا على عدم اشتراط الكرية. وربما ظهر من المصابيح دعوى الاجماع أيضا. ويمكن للمتأمل المتروي في كلمات الأصحاب تحصيل الاجماع على عدم اشتراط الكرية، وخالف في ذلك العلامة (ره) في بعض كتبه، وفي بعضها وافق المشهور كما قيل، ولم أعثر على موافق له في هذه الدعوى ممن تأخر عنه سوى الشهيد الثاني، وما لعله يظهر من المقداد في التنقيح، مع أن المنقول عن الأول أنه رجع عنه وأن الذي استقر رأيه عليه آخرا الطهارة، وعبارة الثاني غير صريحة في ذلك قال في التنقيح: " وهل يشترط كريته أم لا؟ أطلق المصنف الحكم بطهارته وقيده العلامة بالكرية وهو أولى، ليدخل تحت إطلاق قوله (صلى الله عليه وآله) (1): " إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا " والاجماع على العمل بمفهومه " وقال الشهيد: " إن جرى عن مادة فلا يشترط الكرية ولا عنها يشترط وهو حسن عليه الفتوى " وكلامه الأخير ظاهر فيما ذكرنا فتأمل، ولا نقل عن أحد ممن تقدمه، نعم نقل عن المرتضى (رحمه الله) والصدوقين بعض العبارات المفصلة في الكرية وعدمها من غير تعرض للجاري وغيره.
وهي ليست صريحة في ذلك، بل نقل عن الصدوقين أن لهم عبارات أخر في غير المقام الأول حاكمة على ذلك فتأمل جيدا. وكيف كان فالأقوى الأول للأصل بل الأصول