ثم نزح منها أربعون لم يشخصها لأحدهما، ولا معنى للقول بارتفاع النجاسة من أحدهما على الاجمال لابهامه، فلا يصلح لأن يكون متعلقا للحكم. قلت: هذا يؤيد ما ذكرنا سابقا من أن النجاسة المختلفة بمنزلة الواحدة التي مقدرها مجموع التقديرين، ففي المثال مثلا صار مقدره ثمانين، فلا تطهر إلا بها، ولا نقول: أنه طهر من هذه الجهة دون الأخرى، فتأمل جيدا.
(وفي تضاعفه مع التماثل) كالثعالب والأرانب ونحو ذلك (تردد، أحوطه التضعيف) لا ينبغي التردد في عدم التضعيف في المتماثلات بعد فرض تناول دليلها للقليل منها والكثير، كما إذا وقع في البئر عذرة مذابة مرات متعددة، فإنه لا إشكال في الاكتفاء بنزح الخمسين، لشمول الدليل، ومثله الدم الكثير. لا يقال أنه بالوقوع الأول قد اشتغلت الذمة بنزح الخمسين، والوقوع الثاني لا يخلو إما أن يشغل الذمة بالأول، أو لا يشغلها بشئ، أو يشغلها بأمر آخر غير الأول، لا معنى للأول، لكونه تحصيل حاصل، ولا للثاني، لشموله الدليل له، والثالث خلاف المقصود، لأنا نقول الدليل لما دل على أن العذرة المذابة ينزح لها خمسون، وكانت العذرة المذابة ماهية صادقة على القليل والكثير، وشغل الذمة بالوقوع الأول لمكان صدق الماهية وجاء الوقوع الثاني انقلب الفرد الأول إلى الثاني وصار مصداقا واحدا للماهية، وهكذا كلما يزداد يدخل تحت قول العذرة المذابة، ينزح لها خمسون وليس هذا إلا كتعدد النوع الواحد من الحدث الأصغر أو الأكبر كالبول مرات مرات والجنابة مرات، فتأمل جيدا فإنه دقيق. وأما إذا لم يكن الدليل شاملا للقليل والكثير فالظاهر عدم التداخل، للاستصحاب والأصل المتقدم، وما يقال النجاسة من النجس والواحد لا تتزايد إذ النجاسة الكلبية والبولية موجودة في كل جزء، فلا تتحقق زيادة توجب زيادة النزح، فيه مع مخالفته للأصلين السابقين إنا نمنع كون النجاسة من الجنس الواحد لا تتزايد، لأن كثرة الواقع تزيد مقدار النجاسة، فيزيد شيوعها في الماء، فيناسبه زيادة النزح، نعم يمكن