وما عن المقنعة، بل عن بعضهم التصريح به، وهو جيد إن لم يكن مثارا للوسواس، وعلى كل حال لا يبعد إلحاق المستحاضة والنفساء بها، بل والجنب، لما سمعت من خبر العيص، سيما على ما عن الكافي. هذا كله بعد البناء على الكراهة، كما هو المتفق عليه في الظاهر، والعبارة المحكية عن المقنع ليست صريحة في الخلاف، بل ولا ظاهرة، إذ ليس فيه إلا قوله: " لا تتوضأ بسؤر الحائض " وهو غير ظاهر في ذلك وإن كان النهي حقيقة في التحريم، لكن الصدوق في الغالب يعبر عن الحكم بلفظ الرواية، وأما المحكي عن التهذيب والاستبصار فإنه وإن كان قد اشتمل على قوله لا يجوز الظاهر لكن ظاهر كلامه أن هذا ما يقتضيه الجمع بين الأخبار، ولذلك قال بعده من غير فاصلة: ويجوز أن يكون المراد بها ضربا من الاستحباب، واستند في ذلك إلى رواية أبي هلال، لاشتمالها على قوله لا أحب أن أتوضأ منه، فتأمل، وكيف كان فهما غير مخالفين، وعلى تقديره فغير قادحين.
(و) لا منع في (سؤر البغال والحمير) إجماعا، كما في غير هما من مأكول اللحم.
نعم يكره سؤر البغال والحمير، كما هو المشهور نقلا وتحصيلا، كالخيل أيضا، وربما زيد الدواب، بل كل ما يكره لحمه، كما صرح به بعضهم ويظهر من آخرين، لتعليلهم الكراهة في المقام بكراهة اللحم، بل يستفاد منه أن ذلك من المسلمات، وعلى كل حال فلعل الحكم بالكراهة لمكان التسامح في هذا الحكم، والاحتياط الذي يحسنه العقل، والشهرة، مع أن السؤر غالبا إنما يكون بالفم، وفضلاته تابعة للحم بالكراهة، كما قيل، مع إشعار مضمرة سماعة (1) بكراهة غير الإبل والبقر والغنم، سألته " هل يشرب سؤر شئ من الدواب ويتوضأ منه؟ فقال: أما الإبل والبقر والغنم فلا بأس " وخبر ابن مسكان عن الصادق (عليه السلام) (2) سألته " عن الوضوء مما ولغ الكلب فيه