ما ذكرنا كان للفقيه أن يتعرض له إذ لعله تترتب عليه فوائد بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية، فاستقرئ وتتبع وتأمل جيدا. وإن أردت النقض في كثير من هذه التعاريف والابرام فانظر ما كتبه الشهيد في غاية المراد في نكت الإرشاد فإنه قد حاول الإحاطة لذلك. ولعل قيد (الاستباحة) في عبارة المشهور مع إرادة ما يقابل الحرمة التشريعية منه يقتضي عدم حصول الطهارة من المميز. إما لأن عبادته تمرينية، وإما لأن شرعية الوضوء منه أعم من كونه طهارة، كشرعية وضوء الحائض، مع احتمال حصول الطهارة به على أن يكون المراد من الاستباحة الصحة فتأمل جيدا.
(وكل أحد منها) أي الثلاثة المتقدمة (ينقسم إلى واجب وندب) دون باقي الأحكام وإطلاق الكراهة في بعض المقامات على ضرب من التأويل.
(فالواجب من الوضوء) وجوبا شرعيا ولو لوجوب مقدمة الواجب (ما كان لصلاة واجبة) أصلا أو عارضا وأجزائها المنسية إجماعا وكتابا وسنة (أو طواف واجب) في حج أو عمرة ولو مندوبين لوجوب إتمامهما إجماعا كما عن المنتهى وسنة (أو لمس كتابة القرآن إن وجب) لعارض ويأتي الكلام فيه في الوضوء إن شاء الله.
والظاهر من المصنف بل كاد يكون صريحه كالظاهر من غيره ممن حصر الغايات التي يجب لها الوضوء أنه واجب لغيره ولا يجب لنفسه وصرح به جماعة بل هو المشهور نقلا وتحصيلا، بل عن العلامة والكركي والشهيد الثاني نقل الاجماع عليه. ولعل الأمر فيه كذلك كما لا يخفى على من لاحظ كلماتهم في المقام وسيرتهم في كل عصر ومصر، من عدم الالزام والالتزام برفع الحدث الأصغر عند ظن الوفاة، عدم أمرهم المرضى به أو التيمم بدله مع وقوع الحدث غالبا منهم، وخلو المواعظ والخطب، وعدم الجواهر 1