في المسألة وهو يمتنع من الإجابة فلما يئست منه بكت وبكى من حولها من جواريها وحواشيها فقال عبد الملك قاتل الله كثيرا كأنه رأى موقفنا هذا حين قال:
إذا ما أراد الغزو لم يثن همه * فتاة عليها نظم در يزينها نهته فلما لم تر النهى عاقه * بكت فبكى مما شجاها قطينها ثم عزم عليها ان تقصر فأقصرت وخرج لقصده فنظر إلى كثير في ناحية عسكره يسير مطرقا فدعا به وقال أنى لأعرف ما أسكتك وألقى عليك ثبك فإن أخبرتك عنه أتصدقني قال نعم قال وحق أبى تراب إنك تصدقي قال والله لأصدقنك قال لا أو تحلف به فحلف به فقال تقول رجلان من قريش يلقى أحدهما صاحبه فيحاربه القاتل والمقتول في النار فما معنى سيرى مع أحدهما ولا آمن سهما عاثرا لعله ان يصيبني فيقتلني فأكون معهما قال والله يا أمير المؤمنين ما أخطأت قال فارجع من قريب وأمر له بجائزة.
وفى رواية انه دعا به فقال ذكرت الساعة بيتين من شعرك فإن أصبت ما هما فلك حكمك فقال نعم أردت الخروج فبكت عاتكة وبكى حشمها فذكرت قولي: (إذا ما أراد العزم) وذكر البيتين فقال أصبب فاحتكم فأعطاه ما أراد ثم نظر إليه عبد الملك يسير في عرض الموكب متفكرا فقال على يا بن أبي جمعة فقال إن عرفتك في أي شئ كنت تفكر فلي حكمي فقال نعم قال كنت تقول انا في شر حال خرجت في جيش من أهل النار ليس على ملتي ولا مذهبي يسير إلى رجل من أهل النار ليس على ملتي ولا على مذهبي يلتقي الخيلان فتصيبني سهم غرب فأتلف فما هذا فقال والله يا أمير المؤمنين ما أخطأت ما كان في نفسي فاحتكم قال حكمي ان أصلك في عشرة آلاف درهم وأدرك إلى منزلك فأمر له بذلك.
وحدث حفص الآمدي قال: كنت أختلف إلى كثير أتروي شعره قال فوالله إني لعنده يوما إذ وقف عليه واقف فقال قتل آل المهلب بالعقر فقال ما اجل الخطب ضحى آل أبي سفيان بالدين يوم الطف وضحى بنو مروان بالكرم