فإذا ادعا بك تقدمت إليهم ان يربطوا ثيابهم بثيابك ويقولون هذا استجار بقبر أبينا ونحن أحق من أجاره فأصبح هشام على عادته متطلعا من قصره إلى القبر فرأى فسطاطا فقال ما هذا فقالوا لعله مستجير بالقبر فقال يجار من كان إلا الكميت فإنه لا جوار له فقيل فإنه الكميت قال يحضر أعنف احضار فلما دعى به ربط الصبيان ثيابهم بثيابه فلما نظر هشام إليهم أغر ورقت عيناه واستعبروهم يقولون يا أمير المؤمنين استجار بقبر أبينا وقد مات ومات حظه في الدنيا فاجعله هبة لنا وله ولا تفضحنا فيمن استجار به فبكى هشام حتى انتحب ثم أقبل على الكميت فقال يا كميت أنت القائل:
والا تقولوا غيرنا تتعرفوا * نواصيها تردى بنا وهي تشرب قال كلا ولا أتان من أتن الحجاز ثم انه حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله ثم قال: اما بعد فإني كنت أتدهدى في غمرة جهالة وأعوم في بحر غواية، أخي على خطلها، واستنفرني وهلها، فتحيرت في الضلالة، وتسكعت في الجهالة. مهرعا عن الحق، جائرا عن القصد، أقول الباطل ضلالا، وأفوه بالبهتان وبالا، وهذا مقام عائذ أبصر الهدى، ورفض العمى، فاغسل يا أمير المؤمنين الحوبة بالتوبة. واصفح عن الزلة واعف عن الجرم، ثم قال شعرا:
كم قال قائلكم لعا * لك عند عثرته لعاثر وغفرتم لذوي الذنوب * من الأكابر والأصاغر ابني أمية انكم * أهل الوسائل والأوامر ثقتي لكل ملمة * وعشيرتي دون العشائر أنتم معادن للخلافة * كابرا من بعد كابر بالتسعة المتتابعين خلائفا * وبخير عاشر ثم انه قطع الانشاد وعاد إلى خطبته فقال: إغضاء أمير المؤمنين وسماحته وصباحته مناط المنتجعين من لا يحل حبوته لإساءة المذنبين فضلا عن استشاطة