وروى الصولي عن الحسن بن فياض عن إدريس بن عمران قال جاءني الفرزدق فتذاكرنا رحمة الله وسعتها فكان أوثقنا بالله تعالى فقال له رجل ألك هذا الرجاء بالله والمذهب وأنت تقذف المحصنات وتفعل ما تفعل فقال أترونني لو أذنبت إلى أبوى ذنبا كانا يقذفاني في تنور وتطيب أنفسهما بذلك قلنا لا بل يرحمانك قال فانا والله أوثق برحمة ربى منى برحمتهما.
قال أبو عمرو بن العلا حضرت الفرزدق وهو يجود بنفسه فما رأيت أحسن ثقة منه بالله تعالى.
وكان وفاته في أول سنة مائة وعشرة.
وقيل اثنى عشرة وقيل أربع عشرة وكان قد قارب المائة.
وروى أنه لما نعى الفرزدق إلى جرير بكى بكاءا شديدا فقيل له أتبكي رجلا يهجوك وتهجوه من أربعين سنة.
قال إليكم عنى ما تساب رجلان ولا تناطح كبشان ومات أحدهما إلا تبعه الآخر من قريب ثم عاش بعده أربعين يوم فمات، وفى رواية انه نعى الفرزدق إلى المهاجر بن عبد الله وجرير عنده فقال:
مات الفرزدق بعد ما جدعته * ليت الفرزدق كان عاش قليلا فقال لهما المهاجر بئس لعمرك والله ما قلت في ابن عمك أتهجو ميتا والله لو رثيته لكنت أكرم العرب فقال إن رأى الأمير ان بكتمها عليه فإنها سوءة ثم قال يرثيه من وقنه:
فلا ولدت بعد الفرزدق حامل * ولا ذات بعل من نفاس تعلت هو الواقد الميمون والراتق النائي * إذ النعل يوما بالعشيرة زلت وقال يرثيه أيضا:
فجعنا بحمال الديات ابن غالب * وحامى تميم عرضها والمزاحم بكيناك حدثان الفراق وإنما * بكيناك إذ نابت صروف العظائم