فلما وصلوا إلى عذراء على اثنى عشر ميلا من دمشق تقدم البريد باخبارهم إلى معاوية فبعث إليهم رجلا أعور فلما أشرف على حجر وأصحابه قال رجل من أصحاب حجر ان صدق الزجر فإنه سيقتل منا نصفا ويسلم الباقون قيل وكيف ذاك قال ما ترون الرجل المقبل مصابا بإحدى عينيه فلما وصل إليهم قال لحجر ان أمير المؤمنين أمرني بقتلك وقتل أصحابك إلا ان توالوا أمير المؤمنين وترجعوا إلى طاعته فلما قدم حجر ليقتل قال دعوني أصلي ركعتين فتركوه فطول في صلاته فقيل أتجزع من الموت فقال لا ولكني ما تطهرت للصلاة قط إلا صليت ولا صليت قط أخف من هذه الصلاة وكيف لا أجزع وإني أرى قبرا محفورا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا ثم قدم وأصحابه فقتلوا إلا من بايع.
وقال شيخنا محمد بن مكي المعروف (بالشهيد الأول) قدس الله روحه الشهداء الذين بعذراء دمشق الذين قتلهم معاوية بعد أن بايعوه وأعطاهم العهود والمواثيق حجر بن عدي الكندي حامل راية النبي صلى الله عليه وآله وولده همام وقبيصة بن ضبيع العبسي وصيفي بن قيل وشريك بن شداد الحضرمي ومحرز بن شهاب السعدي وكرام بن حيان العبدي كلهم في ضريح واحد في جامع عذراء.
قال الشيخ محمد بن مكي (ره) أنشدني خادمهم هذه الأبيات:
جماعة بثرى عذاره قد دفنوا * وهم صحاب لهم فضل وإعظام حجر قبيصة صيفي شريكهم * ومحرز ثم همام وكرام عليهم الف رضوان مكرمة * تترى تدوم عليهم كلما داموا قال محمد بن مكي (رض) فزدت بيتا ومثلها لعنات للذي سفكوا * دمائهم وعذاب بالذي استاموا وفى رواية ان معاوية كتب إلى زياد ان اعرض على حجرا وأصحابه وكانوا ثمانية ليتبرؤا من على ويطلقوا فقالوا بل نتولاه ونتبرى ممن برئ منه فحفرت لهم قبور ونشرت أكفانهم فقال حجر يكفنوننا كأنا