اللفظ فيه، وذلك نحو قوله تعالى: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء " (1) فافتتح الخطاب بذكر النبي صلى الله عليه وسلم والمراد سائر من يملك الطلاق.
وقال تعالى: " لئن أشركت ليحبطن عملك " (2)، وقوله تعالى: " ولا تكن للخائنين خصيما " (3)، والمراد سائر المكلفين ".
(4).
ومما يؤكد هذا النص: ان السرخسي نقل - كما ذكرنا - ما نصه: " ان اطلاق لفظ العموم حقيقة في المعاني والاحكام كما هو في الأسماء والألفاظ، ويقال عمهم الخوف وعمهم الخصب باعتبار المعنى من غير أن يكون هناك لفظ " (5) ونسب ذلك للجصاص.
ولم يتعرض السرخسي لمناقشة الجصاص في قوله: ان لفظ العموم حقيقة في الاحكام، رغم أنه خلاف المذهب، وكذلك سكت عنه البزدوي وعبد العزيز البخاري والنسفي، وكلهم أورد ما نقله السرخسي.
وحاصل الكلام في هذه المسألة: انه هل يتصور العموم في الاحكام حتى يقال:
حكم قطع السارق عام، اختلف العلماء في ذلك.
فأنكره القاضي الباقلاني وأثبته الجويني وابن القشيري، وقال المازري (6): الحق بناء هذه المسألة على أن الحكم يرجع إلى قول أو إلى وصف يرجع إلى الذات.
فإن قلنا بالثاني: لم يتصور العموم، كما في الافعال، فإنه لا عموم لها.
وإن قلنا: يرجع إلى " قوله ": فقوله سبحانه وتعالى: " والسارق " (7) يشمل كل سارق: فنفس القطع فعل، والافعال لا عموم لها.
قال القاضي أبو عبد الله الصيمري الحفني في كتابه مسائل الخلاف في أصول الفقه:
دعوى العموم في الافعال لا تصح عند أصحابنا، ودليلنا: ان العموم ما اشتمل على أشياء متغايرة، والفعل لا يقع إلا على درجة واحدة وقال الشيخ أبو إسحاق: لا يصح العموم إلا في الألفاظ، واما الافعال فلا يصح.