وذلك نحو القرء (1) انه حقيقة في الحيض مجاز في الطهر (2) فالواجب حمله على الحقيقة حتى تقوم دلالة المجاز ولا يجوز أن يراد المعنيان جميعا في حال واحدة
(١) القرء مفرد القروء. قال الأصمعي: الواحد القرء بضم القاف، وقال أبو زيد: القرء بالفتح. وكلاهما قال أقرأت المرأة حاضت وأقرأت طهرت. قال الأخفش: قرأت المرأة إذا صارت صاحبة حيض، فإذا حاضت قلت: قرأت بلا ألف. وقال أبو عمر ابن العلاء: من العرب من يسمي الحيض قرءا ومنهم من يسمي الطهر قرءا، ومنهم من يجمعهما جميعا فيسمي الحيض مع الطهر قرءا.
والحاصل ان القرء في لغة العرب مشترك بين الحيض والطهر ولأجل ذلك الاشتراك تشاغل الناس قديما وحديثا من فقهاء ولغويين في تقديم أحدهما على الاخر وأهل اللغة اتفقوا على أن القرء الوقت. فقالوا في قوله تعالى:
" والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " ثلاثة أوقات. فتصير الآية مفسرة في العدد محتملة في المعدود فوجب طلب بيان المعدود من غيرها. وذكر الجصاص بعد أن ساق الأقوال في معنى القرء قال: ولم يقل أحد منهم ان القرء خروج من حيض إلى طهر أو من طهر إلى حيض. انظر احكام القرآن للجصاص ١ / ٤٣٤ وقد وجدت في تفسير المحيط قوله: روي عن الشافعي ان القرء الانتقال من الطهر إلى الحيض. تفسير البحر المحيط ١ / ١٨٦.
راجع للتوسع فتح البيان ١ / ٣٦٦ واحكام القرآن للقرطبي ١ / ١٨٤ وتفسير الطبري ٢ / ٤٣٨ وتفسير ابن عباس ٣١ والرسالة للشافعي ٥٦٣.
(٢) قال أبو عبيدة المشهور انه حقيقة فيهما كالشفق اسم للحمرة والبياض جميعا وقال آخرون انه حقيقة في الحيض مجاز في الطهر ومنهم من عكس الامر. وقال آخرون انه موضوع بحيثية معنى واحد مشترك بين الحيض والطهر.
ومدار اختلافهم على قوله تعالى " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " فمن رأى أن القرء حقيقة في الحيض حمله عليه ومن رأى أنه الطهر حمله عليه، فقال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبو موسى وابن عباس ومجاهد وسعد بن جبير وقتادة وعكرمة والضحاك ومقاتل والسدي والربيع وأبو حنيفة وأصحابه وغيرهم من فقهاء الكوفة ان القرء الحيض فهو حقيقة فيه.
وقال زيد بن ثابتوعبادة بن الصامتوأبو الدرداء وعائشة وابن عمر وابن عباس والزهري وابان بن عثمان وسليمان بن يسار والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح ومالك والشافعي وغيرهم من فقهاء الحجاز ان القرء الطهر فهو حقيقة فيه.
وراجع في بسط الموضوع أحكام القرآن للجصاص ١ / ٤٣٠ وتفسير الطبري ٢ / ٤٣٨ وتفسير المنار ٢ / ٣٧٠ وتفسير البحر المحيط ٢ / ١٨٦ واحكام القرآن ١ / ١٨٤ وتحقيق المحصول ١ / ١٣٠ وفتح البيان ١ / ٣٦٦ وتفسير الخازن ١ / ٢٢٤ والكشاف للزمخشري ١ / ٣٦٥ واحكام القرآن لابن العربي ٣ / ١١٢ وأضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن وهو خير من استوفى الموضوع فليراجع 1 / 130.