وعلى ان ما كان هذا سبيله بزيادة فهو نسخ وذلك لأنه (1) يلزمنا عند ورود الآية اعتقاد وجوب الحكم بالعدد المذكور فيها أو امتناع جوازه بأقل منه لأنه لا اشكال على أي عقل سمع الآية إلا و (2) انها تمنع الحكم بشهادة رجل واحد (3) وبشهادة امرأة واحدة فمتى ورد خبر أجاز الحكم بشهادة رجل واحد فقد دفع ذلك الاعتقاد الذي لزم مع ورود (4) الآية وهذا هو حقيقة النسخ فإن قال قائل يلزمك على هذا أن يكون التخصيص نسخا لأن العموم قد ألزمنا اعتقاد لزوم الحكم به ووروده ما يوجب التخصيص يرفع (5) ذلك الاعتقاد وقد يجوز عندك (6) تخصيص العموم بالقياس فلزمك على هذا تجويز النسخ بالقياس قيل له ما يوجب تخصيص العموم من لفظ أو دلالة فلابد من أن يكون مقارنا للفظ العموم ولا جائز أن يتأخر عنه فلم يلزمنا مع وجود دلالة الخصوص اعتقاد العموم قط وتكون دلالة الخصوص (7) بمنزلة الاستثناء المتصل بالجملة وقد ذكرنا فيما سلف أن الله تعالى لا يخلي أحدا محجوجا بحكم آية ظاهرها ظاهر العموم ومراده الخصوص من أن يورد عليه دلالة الخصوص عقيب كونه محجوجا بالعموم وإنه غير جائز أن يتأخر عنه بيان ذلك لأنه يوجب أن يكون قد ألزمه اعتقاد العموم فيما أراد به الخصوص فكأنه أمر باعتقاد خلاف ما أراد وما هو حكمة جل وعز (8) عن (9) ذلك وتعالى فوجب (10) أن تكون دلالة التخصيص مقترنة بلفظ العموم كاقتران الاستثناء بالجملة
(١٩٧)