وثالثا: أن المتبادر من الخير والصلاح في الخبرين ما يعم الاعتقاد وزائد عليه بالبداهة، وليس المراد منهما مصداقهما ولو في الجملة، كما أفصح عنه عبارته المتقدمة.
كيف لا! وهو مخالف للإجماع والضرورة، لاشتمالها (1) على ذلك التقدير على قبول شهادة الفاسق البتة، إذ ليس من فاسق إلا ويوجد فيه خير ما أو صلاح من جهة ولو في الجملة.
ولم يقل بذلك أحد حتى هذا القائل والنهاية وغيره من الجماعة، لاتفاقهم على اشتراط عدم ظهور الفسق البتة، ودلت عليه مع ذلك النصوص المستفيضة (2)، ومثل ذلك أوضح شاهد وأفصح قرينة على إرادة معنى خاص من الخير والصلاح.
وليس بعد انتفاء إرادة مطلقهما إلا ما عليه الجماعة من الإيمان وحسن الظاهر أو الملكة.
هذا، مع أن المعتبرة مستفيضة، بل كادت تكون متواترة بأنه ليس في المخالف خير أصلا وصلاح بالمرة وإن اشتغلوا بالعبادات الموظفة وراعوا الأمور اللازمة، فقد ورد عن أهل العصمة سلام الله عليهم أنهم ليسوا إلا كالجدر المنصوبة (3)، وأن عباداتهم بأسرها فاسدة (4). وحينئذ فأي خيرية في أعمال قد قام الدليل على بطلانها.
وكونها في الظاهر بصورة العبادة لا يجدي نفعا، لأن خيرية الخير وشرية