وربما استدل لهم هنا بإطلاق أخبار الشهادة، وهو مقيد بما مر من الأدلة وبالمعتبرين:
أحدهما الصحيح: كل من ولد على الفطرة وعرف بصلاح في نفسه جازت شهادته (1).
وثانيهما الحسن: من ولد على الفطرة أجيزت شهادته بعد أن يعرف منه خيرا (2).
ولأجلهما اختار هذا القول بعض الأجلة من المتأخرين فقال: بأن " الخير " نكرة تفيد الإطلاق فيتحقق بالصلاة والصوم وإن خالف في الاعتقاد الصحيح، قال: وفي تصديره الخبر - باشتراط العدالة ثم الاكتفاء بما ذكر - تنبيه على أن العدالة هي الإسلام (3).
وفيه نظر، أما أولا: فلأن القول المزبور الذي صار إليه ظاهره الاكتفاء بظاهر الإسلام من دون اشتراط أن يعرف منه الخير، بل يكتفى بشهادة المسلم الغير المعروف منه ذلك أصلا، وصريح الخبرين اشتراطه.
وثانيا: أن ظاهرهما الاكتفاء بالإسلام بالمعنى الأعم، لا اشتراط المرادف للخاص، ولعله لم يقل به النهاية، ومن تبعه من الجماعة وإن أوهمت عبارته ذلك في المسألة، إلا أن عبارته في بحث الشهادة صريحة في اعتبار الإيمان (4) البتة، مع تصريحه في التهذيب بكفر الفرق المخالفة للإمامية (5) فكيف يستدل له بأمثال المعتبرة؟!