قبلكم) (1) وقوله تعالى (وأذن في الناس بالحج) (2) وقوله تعالى (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) (3) إلى غير ذلك، فألفاظها حقائق لغوية، لا شرعية، واختلاف الشرائع فيها جزءا وشرطا، لا يوجب اختلافها في الحقيقة والماهية، إذ لعله كان من قبيل الاختلاف في المصاديق والمحققات، كاختلافها بحسب الحالات في شرعنا، كما لا يخفى.
ثم لا يذهب عليك أنه مع هذا الاحتمال، لا مجال لدعوى الوثوق - فضلا عن القطع - بكونها حقائق شرعية، ولا لتوهم دلالة الوجوه التي ذكروها على ثبوتها، لو سلم دلالتها على الثبوت لولاه، ومنه [قد] (4) انقدح حال دعوى الوضع التعيني معه، ومع الغض عنه، فالانصاف أن منع حصوله في زمان الشارع في لسانه ولسان تابعيه مكابرة، نعم حصوله في خصوص لسانه ممنوع، فتأمل.
وأما الثمرة بين القولين، فتظهر في لزوم حمل الألفاظ الواقعة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها اللغوية مع عدم الثبوت، وعلى معانيها الشرعية على الثبوت، فيما إذا علم تأخر الاستعمال، وفيما إذا جهل التاريخ، ففيه إشكال، وأصالة تأخر الاستعمال مع معارضتها بأصالة تأخر الوضع، لا دليل على اعتبارها تعبدا، إلا على القول بالأصل المثبت، ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر مع الشك، وأصالة عدم النقل إنما كانت معتبرة فيما إذا شك في أصل النقل، لا في تأخره، فتأمل.