فكذلك المقام، فيمكن تطرق الصحة والفساد لها، فيرجع ردع الشارع إلى عدم ترتب الآثار - أي التخصيص الحكمي - بعد تحقق الأمر الواقعي، فهو أيضا كلام مدرسي; لا يتجاوز حريم المدرسة إلى محيط العرف والعقلاء.
وذلك لأن الملكية والزوجية ونحوهما أمور اعتبارية; اعتبرها العقلاء على مدى الأعوام والقرون حسب احتياجهم إليها، وإلا فمن القريب جدا عدم وجود هذه المعاملات - الدارجة بين العقلاء على كثرتها - في بدء حياة التمدن البشري، ولم يكن بينهم إلا القليل منها مع بساطتها، ثم حدثت وزادت عصرا بعد عصر ونسلا بعد نسل; لكثرة الدواعي ووفور الاحتياجات، بل ربما أضيفت شرائط ومقررات على ما كانت عليه من البساطة.
يرشدك إلى ما ذكرنا حدوث بعض المعاملات في عصرنا هذا; من دون أن يكون لها في الأعصار السابقة عين ولا أثر.
وإن كنت مع ذلك في شك مما ذكرنا، فاختبر من نفسك حال ساكني البوادي والصحاري، فإنهم حيث لا يحتاجون إلى إجارة المساكن، لم ينقدح في ذهنهم اعتبارها بخلاف ساكني القرى والمدن.
ولعمر الحق إن ما نبهناك عليه أمر لا سترة فيه عند أهله.
فإذا القول بكون المسببات أمورا واقعية كشف عنها الشارع، واضح البطلان.
فإذا الحق كما عليه المشهور (1): أنه لو قلنا بأن ألفاظ المعاملات أسماء للمسببات لا يجري فيه النزاع، نعم إن قلنا بكونها أسامي للأسباب فللنزاع فيه مجال كالعبادات.
المورد الثاني: في عدم الفرق في جريان النزاع بين ثبوت الحقيقة الشرعية