وفيه أولا: أنه - كما ذكرنا غير مرة - أن القاعدة على تقدير جريانها وعند مثبتها، مخصوصة بالواحد البحت البسيط، الذي ليس فيه رائحة التركيب ولا شائبة الكثرة أصلا; لا خارجا ولا ذهنا ووهما ولا عقلا، فلا تجري في البسيط الخارجي المركب ذهنا وعقلا، فضلا عن المركبات الاعتبارية المركبة من عدة أمور متكثرة يجمعها وحدة اعتبارية كالصلاة ونحوها.
وثانيا: أنه على تقدير جريان القاعدة في الواحد الاعتباري، فمجراها فيما كان هناك صادر ومصدر، وواضح أن النهي عن الفحشاء - مثلا - لا يكون صادرا من الصلاة والصلاة مصدرا له، وغاية ما هناك أن من أتى بالصلاة صحيحة يقال له - عند العرف والعقلاء -: إنه مطيع، وعمله الصحيح موجب ومقتض لترك الفحشاء والمنكرات، ومقرب لفاعله إليه تعالى، بخلاف ما لو أتى بها فاسدة.
وبالجملة: لو سلم جريان القاعدة في مثل المقام، فإنما هو فيما إذا كان المؤثر علة تامة ومصدرا، لا فيما يكون معدا فيه شأنية ذلك، كالصلاة ونحوها من العبادات، فإنها معدات لآثارها المترتبة عليها، لا علل تامة لها.
وثالثا: أنه لو سلم صدق الصادر والمصدر على مثل ما ذكر - من النهي عن الفحشاء، وقربان كل تقي، ومعراج المؤمن، وخير الموضوع، ونحوها - لزم صدور أمور متكثرة، فيلزم أن تكون في الصلاة حيثيات متكثرة حسب تكثر تلك الآثار، ومن البعيد التزامهم بالجامع الذي له حيثيات متكثرة حسب تكثر ما ذكر.
ودعوى: أن هذه الآثار المذكورة في لسان الأخبار عبارات شتى من قبيل التفنن في العبارة، ولكنها تشير إلى أمر واحد ومعنى فارد، وهو الكمال الحاصل لنفس المصلي بسبب عمله القربي (1)، تخرص على الغيب، وخروج عن الاستدلال بها،