والأول له وإن كان هو مقتضى الاقتصار على المتيقن، للشك في حجية ما يختار في الوقائع اللاحقة على خلاف ما اختير في الوقائع السابقة، إلا أنه قد استدل للثاني..
تارة: بإطلاقات نصوص التخيير.
وأخرى: بالاستصحاب.
والاشكال في الاطلاقات بأنها واردة لبيان حكم المتحير في الواقعة الأولى الذي لم يختر أحد الخبرين ولم يكن حجة رافعة لتحيره.
مدفوع: بأن التحير بالنحو المذكور لم يؤخذ في موضوع التخيير وانما استفيد من فرض السؤال عن الوظيفة العملية فيهما، وحيث كانت الوظيفة قابلة للتخيير الابتدائي والاستمراري، فالتحير من هذه الجهة لا يرتفع بالاختيار في الواقعة الأولى، ولابد من الرجوع في تعيين الوظيفة العملية من هذه الجهة إلى اطلاق السؤال والجواب، وهو تابع للعنوان المأخوذ في النصوص، وحيث كان هو تعارض الخبرين الباقي في جميع الوقائع من دون أن يرفعه الاختيار في الواقعة الأولى كان مقتضى الاطلاق هو التخيير الاستمراري.
ولا سيما مع مناسبته للتعبير في بعض النصوص بالأخذ من باب التسليم، لوضوح أن اختيار أحد الخبرين لا يخرج الاخر عن قابلية الاخذ من باب التسليم. بل قوله عليه السلام في مرسل الحارث ابن المغيرة: " فموسع عليك حتى ترى القائم " صريح في استمرارية التخيير.
هذا كله بناء على رجوع التخيير للحجة المعلقة على الاختيار، أما بناء على رجوعه إلى كون كل منهما حجة فعلية للمكلف ومجموعهما حجة عليه - كما تقدم انه الظاهر - أو إلى محض السعة في مقام العمل، فالامر أظهر لوضوح أن اختيار العمل على طبق أحدهما في الواقعة الأولى لا يوجب تعين مضمونه فيها، فضلا عن بقية الوقائع، فارتفاع التحير بنفس البيان القاضي بالسعة لا