الله تعالى.
الامر الثالث: لابد في تحقق التعارض في محل الكلام من تمامية موضوع الحجية في كل من المتعارضين، فلو فقد في أحدهما أو في كليهما فلا تعارض.
وتوضيح ذلك: أنه حيث تقدم أن إطلاق التعارض مبني على فرض التمانع بين الدليلين في ترتب مقتضاهما، ففرض التمانع مبني على المفروغية عن تمامية المقتضى في الممنوع للعمل، ومع فرض قصوره وعدم تحقق مقتضي العمل فيه لا تصل النوبة للمانع عرفا، لتصدق المعارضة بما لها من المعنى المتقدم.
كما أن محل الكلام في المقام هو بيان حكم المتعارضين من حيثية التعارض، بعد الفراغ عن صلوحهما للعمل في أنفسهما، كما هو ظاهر الأدلة الخاصة الواردة في المقام.
نعم، لا يعتبر ذلك في تحقق التعارض من حيثية الكشف والبيان، لتمامية المقتضي في الكاشف والحاكي لذلك، وإن لم يكن حجة صالحة للعمل، ولذا يصدق التعارض بين مثل أخبار المؤرخين التي لا يراد منها إلا التعرف على الواقع والوصول إليه ولو ظنا، فالتعارض أمر إضافي يختلف باختلاف الجهة المقصودة من المتعارضين.
إلا أن ذلك خارج عن محل الكلام في المقام، لاختصاص غرض الأصولي بتنقيح الأدلة وتشخيصها، فالمنظور له هو تعارضها من حيث هي أدلة صالحة للعمل. ومن ثم اختص الكلام بتعارض الوظائف الظاهرية لا غير.
ودعوى: أن لازم ذلك عدم صدق التعارض في فرض علاجه بالتخيير أو الترجيح، لفرض عدم التمانع بين الدليلين حينئذ وإن كان بينهما تمانع وتناف في مقام الكشف والدلالة.