فتعارضها بتنافي مضامينها، وليس التعارض في الصدور تعارضا في أخبارهم بل في الاخبار عنهم. من دون تناف بين الحكمين المنقولين عنهم في كل من المتعارضين.
بل الظاهر انصراف عموم أدلة الأحكام المذكورة عن التعارض الناشئ عن العلم بكذب أحد المضمونين اتفاقا لملازمة خفية، بل يختص بما يكون ناشئا عن وضوح التنافي بين المضمونين، بأن يستفاد نفي أحدهما من دليل الاخر عرفا، بسبب وضوح التلازم بينهما إما لكونه مسوقا لنفيه، لنظره للتلازم بينهما، فيكون مدلولا التزاميا له، أو بدون ذلك.
وعليه يتجه الفرق بين المثالين اللذين ذكرهما بعض الأعاظم قدس سره.
ثم إنه مما ذكرنا من لزوم التنافي بين المؤديين في تحقق التعارض يظهر عدم تحققه أصلا في موارد التخصص والورود وبعض أقسام الحكومة، وهي المبتنية على نظر الحاكم للدليل المحكوم وتعرضه لبعض جهاته المتوقفة عليها استفادة الحكم منه، لعدم التنافي بين الدليلين حينئذ حتى بحسب الظهور الأولي لكل منهما، لعدم تعرض الدليل لتنقيح صغرياته ولا للجهات التي يبتني عليها استفادة الحكم منه، ليكون معارضا للدليل الاخر المتكفل بذلك، ويحصل التنافي بين مضمونيهما.
ومجرد اختلاف العمل المترتب على الدليل المورود أو المحكوم بسبب الدليل الاخر لا يكفي في تحقق التعارض الذي هو محل الكلام.
وعلى هذا جرى شيخنا الأعظم قدس سره وغير واحد ممن تأخر عنه. ويناسبه جعل البحث في ذلك من مبادئ مبحث التعارض، لولا أهمية البحث المذكور ومناسبته للمقام، حيث يلزم جعله من مقاصده، نظير ما تقدم في اخر الامر السابق. فراجع.
الامر الخامس: التعارض وان كان يشارك التزاحم في التنافي بين