ولذا لو فرض ظهور خطأ المقلد الأعلم لمقلده في بعض مقدمات الاستنباط، فحيث لا مجال لاعتماده على فتواه بالحكم الفرعي المبتنية على المقدمة المذكورة، لقصور أدلة التقليد عن صورة العلم بخطأ المستند، ولا على فتوى غيره ممن يخطئه هو في مقدمات اجتهاده ولم يظهر للمقلد إصابته فيها، لقصور الأدلة المذكورة أيضا عن فتوى المفضول مع تخطئة الأفضل له، تعين للمقلد الاعتماد على ما توصل إليه من مقدمات الاجتهاد التي خطأ فيها الأعلم والرجوع له في بقيتها مما لم يظهر له خطؤه فيه من مسألة أصولية أو غيرها، ثم العمل على الحكم الفرعي المستنبط من المجموع وإن خالف ما استنبطه مقلده، كما استقربه بعض الأعيان المحققين قدس سره في اخر الكلام التجري.
وليس الرجوع للمجتهد في بعض مقدمات الاستنباط إلا كرجوع المجتهد لعلماء الرجال أو اللغة، بناء على أنه من الرجوع لأهل الخبرة. وإنما يعمل بفتوى المجتهد بالحكم الفرعي المستنبط من مجموع المقدمات الثابتة بنظره غالب العوام ممن لا يتيسر له الاجتهاد في شئ من المقدمات.
ففي المقام حيث يتعذر على المجتهد الفتوى للعامي بالحكم الفرعي لتوقف حجية الدليل الذي يعتمد عليه في الفتوى في حق العامي على اختياره تعين له بيان مقدمات الاستنباط المتيسرة له وإيكال الاستنباط للعامي بعد أن يستقل بالاختيار المتمم لمقدماته، كما تقدم في الوجه الثاني، وهو الذي اختاره شيخنا الأعظم قدس سره وذكر أنه المحكي عن جماعة، بل قيل إنه مما لا خلاف فيه هذا كله في الفتوى.
وأما الحكومة والقضاء فقد استظهر شيخنا الأعظم قدس سره أن التخيير فيها وظيفة للحاكم.
وما ذكره في محله، لا لما قيل من أن تخيير المتخاصمين لا ترتفع معه الخصومة، لعدم وضوح الخروج بذلك عما تقتضيه القواعد.