المقام الثاني في مراتب الأدلة من الظاهر أن استنباط الحكم والوظيفة العملية عن الأدلة التفصيلية كما يتوقف على معرفة الأدلة والوظائف الظاهرية يتوقف على معرفة النسب، بينها وتعيين مراتبها في ما بينها كي لا يرجع للمتأخر مع وجود المتقدم، لرجوع ذلك لتشخيص دليلة الدليل ومعرفة موردها.
ومن هنا كان البحث عن ذلك من مقدمات الاستنباط المهمة، كالبحث عن نفس الأدلة.
وقد سبق تعيين الأدلة والوظائف الظاهرية في المباحث السابقة من دون بحث عن النسب بينها وتشخيص مرتبة كل منها، عدا الاستصحاب، حيث تقدم الكلام في مرتبته، لخصوصية في دليله لا تجري في أدلة غيره.
ولما كان البحث في المقام الأول عن أصول النسب الأربع - وهي التخصص والورود والحكومة والجمع العرفي - وتعيين ضوابطها، وبيان وجه العمل عليها كان المناسب إلحاق ذلك بالبحث عن تشخيص النسب بين الأدلة والوظائف الظاهرية على ضوء ما تقدم، وقد عقدنا هذا المقام لذلك.
هذا، وحيث لا ريب في تقدم الأدلة القطعية رتبة، للغوية جعل الحجة على طبق القطع، واستحالة جعلها على خلافه - على ما تقدم في مباحث القطع - فيقع الكلام في غيرها مما لا يقطع معه بالحكم الشرعي الواقعي، إما لعدم تعرضه له - كما في الأصول - أو لعدم إفادته القطع به وإن كان متعرضا له،