المسألة الأولى: لا ريب في اعتبار الوثوق بأهل الخبرة في جواز الرجوع إليهم بمقتضى السيرة، بأن يوثق بكونهم في مقام إعمال خبرتهم واجتهادهم وبيان ما انتهى إليه نظرهم من دون تسامح.
إلا أن المعروف من مذهب الأصحاب اعتبار الايمان والعدالة في مرجع التقليد، وادعي عليه إجماعهم، بل الظاهر من حالهم ومن بعض كلماتهم المفروغية عنه، على خلاف ما هو المعروف منهم في الخبر الحسي، حيث يكتفي كثير منهم بالوثوق بالمخبر على مقتضى السيرة.
وتحقيق صلوح الاجماع المذكور للاستدلال كبعض الوجوه الخاصة الأخرى لا يناسب نهج البحث الذي التزمناه على أنفسنا، بل يوكل للفقه، لخروجه عن تحديد مورد السيرة، فالعمدة توجيهه على ما يطابق السيرة ويناسبها.
أما الايمان فلما سبق من أن الرجوع للمجتهد لمعرفة مؤدى الحجج الثابتة في حق العامي مما هو مقتضى دينه الحق، وذلك لا يصدق في حق غير المؤمن إذا اعتمد الطرق والحجج التي يقتضيها مذهبه دون مذهبنا كأخبار العامة وقياساتهم واستحساناتهم، أو أهل الطرق التي هي حجة عندنا، لأنه ليس من أهل الخبرة في ما يهم المكلف معرفته، بل في أمر اخر لا يترتب عليه عمله.
وأما لو أحرز كونه في مقام اعتماد الطرق التي يعتمدها أهل الحق والجري على ما يقتضيه مذهبهم في الاستنباط فهو وإن كان من أهل الخبرة بنظر في ما يهم المكلف معرفته ويترتب عليه عمله، إلا أنه يشكل اعتماده عليه بلحاظ عدم انضباط الطرق المذكورة، لان كثيرا من القرائن لا تتهيأ لغير المؤمن؟
كإجماعات الخاصة وشهرة الحكم بينهم، وهجرهم للاخبار وعملهم بها، وتوثيقهم للرواة وجرحهم لهم، وسيرة المتشرعة ومرتكزاتهم، ونحو ذلك مما يكون دخيلا في استنباط المجتهد المؤمن بسبب حسن ظنه بالمؤمنين واعتقاده