التعارض.
كما ظهر أن احتمال عدول المتكلم الواحد في الحدسيات - بل أخباره الحسية أيضا - في أحد كلاميه عما كان عليه في الاخر بحيث يمكن قصده لظاهر كل منهما عند صدوره وان كانا متنافيين - مانع من الجمع العرفي بين كلاميه، لان أصالة الظهور إنما تقتضي إرادته حين الكلام ولا تمنع من العدول عنه.
وأصالة عدم عدول صاحب الرأي عن رأيه وان كانت من الأصول المعول عليها عند العقلاء، إلا أنها لا تصلح لرفع اليد بها عن أصالة الظهور في كل من الكلامين، بنحو تكشف عن عدم إرادة أحدهما الملزم بالجمع العرفي بينهما، بل هي مورودة لهما، حيث يصلح الكلامان بضميمة أصالة الظهور فيهما دليلا على عدول المتكلم رافعا لموضوع أصالة عدمه.
ومن هنا لا مجال للجمع العرفي في كلامي المجتهد الواحد اللذين يتنافى ظهوراهما لو احتمل عدوله عن مفاد أحدهما ولو لغفلته عن مدركه من دون ظهور خطأ له فيه.
وكذا لو احتمل النسخ في الحكم الذي تعرض له المتكلم بنحو البداء الحقيقي، فإن أصالة عدم النسخ وإن كانت من الأصول العقلائية، إلا أنها لا تنهض برفع اليد عن أصالة الظهور في كل من الكلامين، نظير أصالة عدم العدول في الحدسيات، فلا تصل النوبة للجمع العرفي في الظهورات العرفية الصادرة، لبيان أحكامهم، إلا أن يعلم بعدم النسخ فيها من الخارج.
بل قد يشكل الامر في الظهورات الشرعية، لورود احتمال النسخ فيها أيضا وإن لم يكن بنحو البداء الحقيقي، لما تقدم في الفصل السادس من المقام الثالث في الاستصحاب من أن نسخ الحكم الشرعي لا يستلزم صدور دليله لا بداعي بيان المراد الجدي، ليكون مقتضى أصالة الجهة فيه نفيه الملزم بالجمع