امتناع الجعل مع العجز.
بل هو في الأول بلحاظ التزاحم بين المقتضيات في مقام تأثيرها في فعلية الغرض، الذي هو الملاك في الحقيقة، وفي الثاني بلحاظ التزاحم بين الاغراض والملاكات في مقام تأثيرها في فعلية الحكم وجعله، بسبب تعذر امتثالها.
ومما سبق يظهر الوجه في لزوم ترجيح الأهم والتخيير مع التساوي في التزاحم الحكمي، فإنه حيث فرض فعلية الملاك والغرض على طبق كل منها، وكان الغرض الفعلي لازم الحفظ - ولذا لا يجوز التعجيز عنه كما سبق - كان في إهمالهما معا تفويت كلا الغرضين في ظرف القدرة على حفظ أحدهما، وهو قبيح عقلا بملاك قبح تفويت الغرض الواحد مع القدرة على حفظه المسانخ لقبح معصية التكليف، بل يلزم عقلا حفظ أحدهما مخيرا مع التساوي، لقبح الترجيح بلا مرجح، ومعينا مع الأهمية، لان المرتبة الزائدة في مورد الأهم من الغرض اللازم الحفظ، على ما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.
هذا كله مع غفلة المولى عن العجز الموجب للتزاحم، أما مع التفاته لذلك فلابد من جعله الحكم بالنحو المذكور، جريا منه على غرضه وحفظا منه له، فيكون العمل بالنحو المذكور امتثالا للحكم المجعول تبعا للغرض، نظير امتثال الحكم غير المزاحم.
إن قلت: علم المولى بتعذر استيفاء كلا الغرضين بالامتثال مع أهمية أحدهما يستلزم عدم فعلية تعلق الغرض بالمهم تقديما لا قوى المقتضيين، وليس الغرض الفعلي إلا بالأهم، نظير مزاحمة المقتضي بما يمنع من تعلق الغرض على طبقه في التزاحم الملاكي، لوضوح أن المزاحمة بالأهم لا توجب تعذر استيفاء المهم في حق المولى، بل العدول عنه. وكذا الحال مع التساوي، حيث يمنع التزاحم من تعلق الغرض بكل منهما تعيينا، بل ليس في البين إلا غرض واحد بأحدهما تخييرا.