مضافا إلى ظهور إعراض الأصحاب عنه في مقام العمل حتى في عصر ظهور الأئمة عليهم السلام، لان الجري عليهم موجب لانقلاب مقياس الفقه بنحو لا يخفى عادة.
فلابد من حمله على ظروف خاصة أو بيانات خاصة نظير ما سبق في خبر الكناني ومرسل الحسين بن المختار، ولا يتخذ قاعدة عامة يعمل عليها، ولا سيما في عصر الغيبة المتطاول الذي يعلم بعدم بقاء مقتضي التقية فيه على النحو الذي بدأ.
ولعل هذا هو المنشأ الارتكازي لما تقدم من الوسائل من عدم الرجوع للمرجح المذكور في عصر الغيبة، ومن الحدائق من عدم تعرض الأصحاب له، فضلا عن عملهم عليه. حتى أن الكليني مع روايته للنصوص المذكورة لم يعمل بها ولم يشر إليها في ما سبق من كلامه في ديباجة الكافي الذي يسجل رأيه في الترجيح.
الثامن: موافقة الاحتياط.
وقد انفردت بها مرفوعة زرارة، التي تقدم عدم صلوحها للاستدلال. فلا يهم مع ذلك تحقيق المعيار في الموافقة والمخالفة، وأنه كيف يمكن فرضهما في الخبرين معا، كما تضمنته المرفوعة. فإنه وإن كان قد يصور موافقتهما معا له فيما لو كان كل منهما مقتضيا للتكليف بشئ، كما لو دل أحدهما على وجوب الجمعة والاخر على وجوب الظهر، بلحاظ أن متابعة احتمال الوجوب في كل منهما أحوط عملا من البناء على عدمه.
كما قد تصور مخالفتهما معا له فيما لو كان نافيا للتكليف، كما لو دل أحدهما على عدم وجوب الظهر والاخر على عدم وجوب الجمعة.
إلا أنه يشكل بأن دلالة كل منهما على التكليف أو عدمه إن لم تكن مع