جعل التكليف، كما في موارد العجز.
وان رجع إلى تنازل الشارع عن الجمع بين التكليفين - كما في المثال الذي ذكره - خرج عن باب التزاحم ودخل في التعارض، لرجوعه إلى العلم بعدم جعل أحد التكليفين الموجب لتكاذب دليليهما وان لم يكن بينهما تناف ذاتي، نظير التكليف بالظهر والجمعة.
ومنه يظهر الاشكال في ما ذكره سيدنا الأعظم قدس سره من أن المثال المذكور إنما يكون من باب التعارض لو لم يحرز المقتضي لكل منهما، ولو أحرز يكون المقام من باب التزاحم.
لوضوح أنه لا مجال لاحراز المقتضي لهما، والا امتنع تنازل الشارع عن أحدهما بعد فرض القدرة عليهما، فتنازله مستلزم لعدم تمامية المقتضي بمعنى الملاك الملزم بجعل الحكم في ظرف القدرة الذي هو المعتبر في التزاحم، وان أحرز المقتضي بالمعنى المقابل لفرض المزاحم المانع من جعل الحكم، والذي قد يقطع معه بعدم جعل كلا الحكمين، والذي يتحقق في موارد التزاحم الملاكي الخارج عن محل الكلام، لان الكلام في تزاحم التكليفين. فلا حظ.
ومما ذكرنا يظهر أنه قد يجتمع التعارض والتزاحم، كما في فرض إحراز الملاكين بالنحو الخاص والعجز عن الجمع بينهما، واستحكام ظهور دليل كل منهما في فعلية حكمه في فرض العجز المذكور، حيث يتحقق التزاحم بلحاظ ثبوت الملاكين والعجز عن الجمع بينهما، كما يتحقق التعارض بين دليليهما بلحاظ تكاذبهما في فعلية الحكم في المورد المذكور للعلم بعدم فعلية أحدهما.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من عدم اجتماعهما في مورد، لان التعارض إنما يكون باعتبار تنافي الحكمين المدلولين للدليلين في مقام الجعل والتشريع، والتزاحم إنما يكون باعتبار تنافيهما في مقام الامتثال بعد الفراغ عن تشريعهما معا، فمع إحراز جعل كل منهما وتشريعه ينحصر الامر بالتزاحم،