العقلاء من الرجوع لأهل الخبرة في الحدسيات فلابد في جواز تقليد المجتهد من سلوكه الطرق العقلائية المتعارفة، أما لو سلك غيرها، كالرمل والجفر والرياضات التي قد توجب انكشاف الواقع لصاحبها ونحوها مما قد يوجب العلم وإن لم يعتمد عليه العقلاء بما هم عقلاء ولا دلت الأدلة على حجيته، فهو وإن كان عالما بنظره، فيجب عليه العمل بقطعه، إلا أنه لا يجوز تقليده، لعدم كونه من أهل الخبرة بنظر العقلاء.
وهذا هو العمدة في المقام، لا ما ذكره بعض مشايخنا من لزوم الرجوع إلى من استنبط الاحكام من الطرق المقررة شرعا، لاختصاص أدلة التقليد الشرعية بأهل الذكر والناظر في الحلال والحرام ونحوهما مما يختص بذلك.
إذ فيه مع عدم انضباط الأدلة المقررة شرعا، للاختلاف فيها - أن المراد بأهل الذكر والناظر في الحلال والحرام إن كان هو الباحث عن الأحكام الشرعية المحصل لها واقعا فلا طريق لاحراز انطباقه على المجتهد مع احتمال خطئه، وإن كان هو المحصل لها بنظره شمل من قطع بها من الطرق غير المتعارفة، وان كان هو المحصل لها بعد النظر في الكتاب المجيد والأحاديث الشريفة - كما قد يناسبه اية الذكر، وما تضمن الرجوع للرواة - قصر عمن أخذها من الاجماع والسيرة والمستقلات العقلية ونحوها.
فينحصر الوجه بما أشرنا إليه غير مرة من ورود أدلة التقليد الشرعية مورد الامضاء للقضية الارتكازية المزبورة، فيكون المعيار عليها لا على خصوص العناوين المذكورة في تلك الأدلة، وهي تقتضي ما ذكرنا.
ومنه يظهر عدم جواز تقليد من خرج في قطعه أو استظهاره أو نحوهما عن المتعارف، لاعوجاج السليقة أو نحوه.
المسألة الخامسة: حيث كان هم المكلف الخروج من تبعة التكاليف الشرعية والأمان من العقاب فلا فرق في حقه بين معرفة الحكم الشرعي الواقعي