وكفى بهذه السيرة والاجماع دليلا في المقام على جريان الجمع العرفي في الاخبار، وقرينة على عدم نهوض أخبار التعارض بالردع عنه لو فرض التشكيك في ما سبق في مفادها.
هذا، وقد يستظهر من بعض الاخبار عموم التعارض لموارد الجمع العرفي، كصحيح علي بن مهزيار المتقدم في نصوص التخيير، لان مقتضى الجمع العرفي حمل الامر بصلاة ركعتي الفجر على الأرض على الأفضلية، ولم يستغن السائل به عن السؤال عن تعارضهما، ونحوه صحيحه الاخر: " قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل أنهما قالا: لا بأس بأن تصلي فيه إنما حرم شربها. وروى عن (غير) زرارة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه قال: إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ - يعني المسكر - فاغسله إن عرفت موضعه، وإن لم تعرف موضعه فاغسله كله، وان صليت فيه فأعد صلاتك فأعلمني ما اخذ به. فوقع عليه السلام بخطه وقرأته: خذ بقول أبي عبد الله عليه السلام " (2)، فإن مقتضى الجمع بين الخبرين حمل الثاني على الاستحباب.
ويندفع: بأن الصحيحين ونحوهما لما كانت واردة في موارد خاصة فربما كان السائل فيها قد خفي عليه وجه الجمع بين الخبرين، إذ لا يجب في الجمع العرفي أن يفهمه كل أحد، بل قد يكونان محفوفين عنده بقرائن داخلية أو خارجية تمنع من الجمع المذكور، كما هو القريب في مورد الخبر الثاني، لعدم مناسبة الكراهة للاحتياط بغسل الثوب كله، ولا لإعادة الصلاة الواقعة به.
على أن مقتضى الجمع العرفي لما لم يكن واقعيا قطعيا، بل كان ظاهريا ظنيا فهو لا يمنع من السؤال الموصل للحكم الواقعي، وليس هو كالسؤال في