لكنه غير ظاهر، لوضوح أنه لو كان المراد بالتخيير محض السعة في مقام العمل من دون حجية لاحد الخبرين فلا وجه لفتوى المجتهد بمضمون أحد الخبرين تعيينا، بل يلزمه الفتوى بالسعة الظاهرية نظير فتواه بها عند الدوران بين الوجوب والحرمة.
وكذا لو كان المراد به الحجية التخييرية، بناء على ما سبق من تفسيرها بكون كل من الخبرين حجة فعلا للمكلف ومجموعهما حجة عليه، حيث لا وجه لالزامه في مقام الفتوى بمضمون أحدهما مع عدم حجيته بعينه على المكلف، بل هو حجة له لا غير، وليس الحجة عليه إلا مجموعهما.
وأما لو كان المراد به حجية كل منهما تعيينا على تقدير اختياره، دون الاخر - كما هو الظاهر منهم - فما ذكره إنما يتم على أحد أمرين..
أولهما: كون وظيفة المجتهد الفتوى على طبق ما هو الحجة عليه، لا على المقلد، حيث لا إشكال في أن اختيار المجتهد لاحد المتعارضين موجب لحجيته عليه، فله الفتوى بمضمونه للعامي، وإن لم يكن حجة عليه، لعدم اختياره له.
ثانيهما: كون اختيار المجتهد لاحد المتعارضين موجبا لحجية ما يختاره حتى على المقلد، ففتواه على طبقه فتوى له بما هو الحجة في حقه أيضا لا في حق نفسه فقط.
ويشكل الأول: بأنه لا وجه لعمل العامي بمقتضى الحجة الثابتة في حق المجتهد غير الثابتة في حقه، بل اللازم عليه العمل بمقتضى الحجة الثابتة عليه، غايته أن تعذر تشخيص مؤدى حجته عليه موجب لرجوعه للمجتهد فيه، ففتوى المجتهد بمقتضى سائر الحجج ليس لحجيتها عليه، بل لحجيتها على العامي أيضا، بمقتضى إطلاق دليل الحجية الشامل لجميع المكلفين.
ولذا لو فرض اختلاف حجة المجتهد عن حجة العامي لم يجز للمجتهد