ثانيهما: أن الحاكم ليس طرفا للنسبة مع دليل حكم واحد، بل مع أدلة أحكام متعددة، والنسبة بينه وبين كل منها وان كانت العموم من وجه، إلا أن النسبة بينه وبين مجموعها هي العموم والخصوص المطلق، ولا مجال لتقديمه على بعضها دون بعض، لأنه بلا مرجح عرفي، ولا لتقديمها بأجمعها عليه، لأنه موجب لالغائه رأسا، فيتعين تقديمه عليها بأجمعها، وأعمالها في غير مورده من دون أن يلزم إلغاؤها، كما هو الحال في أدلة الرفع الثانوية.
وربما تكون هناك بعض الجهات الاخر الموجبة لأقوائية ظهوره غير ما ذكرنا تحتاج لاستقصاء الأدلة والنظر فيها بنحو لا يسعه المقام.
وبالجملة: الظاهر أن التقديم في مورد الحكومة العرفية مبني على الجمع العرفي بين الحاكم والمحكوم بلحاظ خصوصية في الحاكم تقتضي أقوائية دلالته وتقديمه، لا بلحاظ عدم التنافي بين الحاكم والمحكوم ولا بلحاظ تقدم الحاكم رتبة، بخلاف الحكومة البيانية. ومن ثم أطلقنا على الحكومة المذكورة اسم الحكومة العرفية، كما أشرنا إليه انفا.
بقي في المقام أمور..
الأول: أنه مما تقدم يتضح عدم توقف الحكومة البيانية على كون الحاكم أقوى دلالة من المحكوم، لعدم التعارض بينهما في مقام البيان، بسبب عدم التنافي بين مؤدييهما، كي يحتاج للمرجحات الدلالية، بخلاف الحكومة العرفية، فإنها حيث كانت مبنية على قرينية الحاكم عرفا على المحكوم مع التنافي بينهما بدوا، بملاك الجمع العرفي، فلا بد من فرض أقوائية دلالة الحاكم، ليتعين للقرينة على المحكوم دون العكس.
الثاني: أنه قد أشير في كلماتهم إلى أن إجمال الحاكم هل يسري للمحكوم، فلا يعمل به في مورد الاجمال، أو لا، بل يقتصر في الخروج عنه على المتيقن الذي يكون الحاكم حجة فيه، كما هو الحال في إجمال الخاص