على توفيقه.
نعم، هذا إنما يقتضي اعتبار الايمان والعدالة حين الاستنباط والفتوى، لا بقاءهما حين التقليد بعد ذلك، بل يحتاج المنع من تقليد من عرضت له فتنة أزالته عن الايمان أو العدالة بعد صدور الفتوى منه إلى دليل آخر لا مجال لإطالة الكلام فيه هنا، ويوكل للفقه.
ثم إن هذا الوجه لو تم كان صالحا لاثبات اعتبار البلوغ في المفتي لو فرض توقف الورع عليه، وإن كان الفرض المذكور غير خال عن الاشكال، إذ لا يبعد عن بعض الأطفال من أهل التمييز والادراك والتربية الدينية والرياضة النفسية التهيؤ للمراتب العالية من الورع والالتزام باللوازم الدينية والبعد عن مخالفتها، ولو مع الامن من العقاب على المعصية، فيحتاج المنع من تقليدهم إلى دليل اخر مخرج عن مقتضى السيرة، من إجماع أو نحوه مما لا مجال لإطالة الكلام فيه هنا.
المسألة الثانية: لا إشكال في اعتبار العقل في مرجع التقليد بالمقدار الذي يتوقف عليه حصول الرأي الذي هو موضوع الحجية، كما لا يعتد بالرأي الحاصل للمجنون، لخروجه عن مورد السيرة الارتكازية في سائر موارد الرجوع إلى أهل الخبرة، ولو فرض حصول الظن بإصابته للواقع، فهو ظن مجرد لا يدخل في موضوع الحجية عندهم.
وأما مانعية الجنون من التقليد حدوثا أو بقاء مع طروئه بعد حصول الرأي والفتوى فلا تقتضيه السيرة المذكورة في المجنون المطبق، فضلا عن الأدواري، لما هو المرتكز عندهم من أن الاعتماد على الفتوى بملاك كاشفيتها نوعا، ولا دخل لطروء الجنون في ذلك، كما هو الحال في الرواية.
وذهاب الرأي لا أثر له في بقاء حجيته كنسيان الرواية غير المانع من حجيتها، وإنما المنع من حجيته عندهم عدول صاحبه عنه، نظير عدول الراوي