سبق في الجمع العرفي، ولا مجال لفرض الحكومة فيه إذا كان لبيا، لما ذكرناه عند الكلام فيها من أنه لابد في الحاكم من أن يكون دليلا لفظيا متميزا بلسان الشرح والنظر، ولا يتجه في اللبي الذي لا يفيد إلا واقع الحكم. نعم، قد يتجه فرضها في الأدلة اللفظية التي لا عموم فيها.
وإن لم يقطع بشموله لمورد الأصل لزم العمل بالأصل، لا لتقديمه عليه، بل لانفراده بالحجية بعد فرض الشك في حجية الطريق أو الامارة، ولذا يعمل بالأصل حينئذ حتى بناء على ورود الطرق والامارات - بلحاظ دليل حجيتها - على الأصول، لان ورودها فرع الدليل على حجيتها.
وأما الثاني فإن قلنا بورود الطرق والامارات على الأصل لم ينهض دليل الأصل للردع عن السيرة، لتأخره عن مفادها رتبة لرفعها لموضوعه.
وإلا كان دليل الأصل صالحا للردع عنها، على ما تقدم نظيره في مبحث حجية خبر الواحد عند الكلام في صلوح عموم النهي عن العمل بغير العلم للردع عن سيرة العقلاء على العمل بالخبر.
إلا أن يثبت إمضاء السيرة، فيكون دليل الامضاء هو المقدم على دليل الأصل، ويلحقه ما سبق من التفصيل بين الدليل اللفظي واللبي، أو تكون السيرة من الوضوح بحد يغفل العرف عن شمول عموم دليل الأصل لموردها، على ما تقدم في مبحث حجية الظواهر وخبر الواحد. وقد تقدم نظير ذلك في الاستصحاب.
الثالث: تقديم الطرق والامارات على الأصول مختص بما إذا اتحد موضوعها، بحيث يكون الطريق أو الامارة بيانا شرعيا في مورد الأصل، أما مع تعدد الموضوع وتباين الواقعتين مع العلم الاجمالي بمخالفة أحد الجعلين عملا لمقتضى الواقع، فإن كان الطريق أو الامارة حجة في لازم المؤدى كان بيانا في مورد الأصل.