الفصل الثاني في تعادل الدليلين وهو إنما يكون لعدم الترجيح أو لعدم المرجح لاحد الخبرين، وحيث سبق أن الأصل في المتعارضين التساقط والرجوع لما يقتضيه العموم أو الاطلاق أو الأصل الجاري في المسألة فقد وقع الكلام في وجود المخرج عن ذلك عند التعادل من الأدلة الخاصة.
وقد صرح غير واحد من الأصحاب - كالكليني في كلامه المتقدم والشيخ في الاستبصار والعلامة. في المبادئ وغيرهم - بالتخيير، ولعله المشهور بين الأصحاب، كما ادعاه شيخنا الأعظم قدس سره وغيره، ونسبه لجمهور المجتهدين، بل في المعالم وعن غيره: " لا نعرف في ذلك من الأصحاب مخالفا ". وقد يظهر من المرتضى في الذريعة.
ولا يخفى أن المراد بالتخيير..
تارة: هو ثبوت الحجية التخييرية لكل منهما، التي هي عبارة عن حجيته المعلقة على اختياره - كما قد يظهر من العلامة في المبادئ - أو الحجية الفعلية لهما، بنحو يكون كل منهما حجة للمكلف معذرا له، ومجموعهما عليه، على ما سبق الكلام فيه في أول مبحث تقريب الأصل في المتعارضين.
وأخرى: هو السعة في مقام العمل، فيجوز موافقة أحدهما وان لم يكن حجة، بأن يكون ورودهما سببا للخروج عن مقتضى العموم أو الاطلاق أو الأصل الجاري في المورد مع قطع النظر عنهما.