المبحث الثاني في المرجحات المنصوصة النصوص المتقدمة مختلفة في تعيين المرجحات وتعدادها، كما أن هناك نصوصا أخرى قد يستفاد منها مرجحات أخرى قد أهملت في هذه النصوص، فينبغي التعرض لكل مرجح تضمنته النصوص المتقدمة أو غيرها أو ادعي استفادته منها، والنظر في دليله وحدوده، وهي أمور..
الأول: صفات الراوي من الأعدلية والأفقهية والأصدقية والأورعية والأوثقية.
فإن ظاهر شيخنا الأعظم قدس سره اعتبار الترجيح بها، بل معروفية الرجوع إليها بين الأصحاب، حتى أنه بعد أن ذكر كلام الكليني قدس سره السابق الخالي عنها، قال:
" ولعله ترك الترجيح بالأعدلية والأوثقية لان الترجيح بذلك مركوز في أذهان الناس غير محتاج إلى التوقيف ".
لكن وضوح المرجح لا يصحح إهماله.
وكذا ما احتمله في الحدائق حاكيا له عن بعض مشايخه من توجيه إهمال الكليني لذلك بأن اخبار كتابه كلها صحيحة، فإن الصحة بمعنى القطع بالصدور مما يبعد بناؤه قدس سره عليها، وبمعنى الوثوق المصحح للعمل - لو تم بناؤه عليها - لا تنافي التفاضل بينها. بل ليس هو قدس سره بصدد بيان حكم تعارض أخبار كتابه فقط، بل في مقام بيان حكم تعارض الاخبار مطلقا، كما يظهر بمراجعة تمام كلامه كيف، ولو كان في غنى عن الترجيح بصفات الراوي التي هي من المرجحات الصدورية لم يكن وجه لذكره الترجيح بشهرة الرواية.