وكلماتهم قد تظهر في الأول، وبعض الأدلة قد يناسب الثاني، ولا يهم تحقيق أحد الوجهين بعد عدم الفرق العملي بينهما، وانما المهم إقامة الدليل على التخيير بأحد المعنين.
وقد يظهر من المرتضى في الذريعة ابتناؤه على العمل بإطلاقات أدلة الحجية، ولعله لذا يظهر منه عدم الاختصاص بالاخبار، بل يجري في كل دليلين متعادلين.
ويظهر ضعفه مما تقدم في تقرب الأصل في المتعارضين.
وأشكل منه ما في الاستبصار، قال: " ولأنه إذا ورد الخبران المتعارضان وليس بين الطائفة إجماع على صحة أحد الخبرين ولا على إبطال الخبر الاخر فكأنه إجماع على صحة الخبرين، وإذا كان (الاجماع. خ) على صحتهما كان العمل بهما جائزا سائغا ".
لوضوح أن عدم الاجماع على إبطال أحد الخبرين بعينه لا ينافي الاجماع على بطلان أحدهما إجمالا، فضلا عن أن يرجع إلى الاجماع على صحتهما معا، بل تمتنع صحتهما معا مع تناقضهما ولو بلحاظ مدلولها الالتزامي، غاية الامر إمكان حجيتهما معا تخييرا، وهي تحتاج إلى دليل.
فالعمدة في المقام ما صرح به الكليني في كلامه المتقدم وذكره في الاستبصار وكذا جملة من المتأخرين من التمسك بالنصوص في ذلك، وقد ادعى شيخنا الأعظم قدس سره استفاضتها، بل تواترها، فينبغي النظر فيها، وما يمكن الاستدلال به على ذلك جملة منها..
الأول: موثق سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام: " سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه أحدهما يأمر بأخذه والاخر ينهاه عنه كيف يصنع؟، قال: يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه " (1)،