نكتة الفرق بين القيدين هما قيد الوجوب وقيد الواجب، وقد تقدم أن نكتة الفرق بينهما هي أن أخذ شئ قيدا للوجوب في مرحلة الجعل إنما هو من جهة أنه دخيل في اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ، إذ لولا دخله فيه لكان أخذه قيدا للوجوب في مرحلة الجعل لغوا بلا مبرر، وأخذ شئ قيدا للواجب في هذه المرحلة إنما هو من جهة أنه دخيل في ترتب الملاك عليه في الخارج وإلا كان أخذه قيدا له لغوا وبلا موجب، وعلى هذا فقيد الوجوب يفترق عن قيد الواجب ملاكا وجعلا وأثرا، لا أنه يفترق عنه جعلا وأثرا فقط كما في كلامه (قدس سره).
وأما النقطة الثانية: فيرد عليها ما تقدم منا آنفا من أن محل الكلام في المسألة إنما هو في القيد الاختياري المأخوذ في القضية وأنه يرجع فيها إلى مفاد الهيئة أو المادة، ولا يمكن أن يكون الكلام في الأعم منه ومن غير الاختياري إذ لو كان القيد غير اختياري تعين كونه قيدا لمفاد الهيئة دون المادة، ولا يدور الأمر حينئذ بين كونه قيدا للهيئة أو المادة، ولو علم من الخارج أنه قيد للواجب ودخيل في ترتب الملاك عليه، فلابد من أخذه قيدا للوجوب أيضا، إذ لا يمكن أن يكون الوجوب مطلقا والواجب مقيدا بقيد غير اختياري، وإلا فيلزم التكليف بغير المقدور.
وأما النقطة الثالثة: فالظاهر أنه (قدس سره) أراد منها تقييد كل من مفاد الهيئة والمادة بقيد مباشر الذي هو في مقابل اطلاق كل منهما، وليس مراده (قدس سره) من تقييد المادة صيرورتها حصة خاصة ولو بتقييد الهيئة بقرينة أنه جعل تقييد المادة في مقابل تقييد الهيئة، وإنهما متباينان جعلا وأثرا. ودعوى أن معنى تقييد المطلق صيرورته حصة خاصة، سواء أكان ذلك بتقييده بقيد مباشرة أم بواسطة لأن معنى تقييد المطلق سقوط إطلاقه، ولا يعتبر فيه أن يكون ذلك