في المتعلق فإن متعلق الأول الطبيعة المطلقة ومتعلق الثانية حصة خاصة منها وهي المقيدة بقيد خاص، وعليه فاطلاق الإرادة وتقييدها إنما هو بلحاظ متعلقها لا بلحاظ نفسها، وقد يدعي بأن هذا موافق للوجدان، فإن المولى إذا التفت إلى نفسه بالنسبة لشئ ما، فلا يخلو من أنه إما أن يريده أو لا يريده، والثاني خارج عن محل الكلام، وأما على الأول فالإرادة موجودة منذ البدأ في أفق النفس سواء كان متعلقها الطبيعي المطلق أم المقيد، فإذن كيف يقال أنها معلقة على وجود شئ.
ولنا تعليق على هذا القول وتقريبه أن ما ذكره (قدس سره) من أن الفرق بين الإرادة المطلقة والإرادة المشروطة إنما هو في المراد لا في نفس الإرادة، فإن المراد تارة يكون مطلقا وأخرى يكون مشروطا ومقيدا، وإنما الإرادة فهي فعلية في عالم النفس على كلا التقديرين لا يتم، لأن القيد يختلف باختلاف الموارد، فتارة يكون للمراد وأخرى للإرادة كما هو الحال في القيود المأخوذة في مرحلة الجعل، فإنه قد يكون للوجوب وقد يكون للواجب وقيد الوجوب هو قيد الإرادة في مرحلة المبادئ، وقيد الواجب هو قيد المراد في تلك المرحلة، وعلى هذا فما ذكره (قدس سره) من أن القيد قيد للمراد دائما دون الإرادة سواء أكان إختياريا أم غير اختياري وموردا للإرادة أم لا خلاف الوجدان، لوضوح أن إرادة شرب الدواء وجدانا معلقة على المرض، وشرب الماء على العطش، وإرادة الحج على الاستطاعة، والصلاة على دخول الوقت، والصوم على دخول شهر رمضان وهكذا، ولا يمكن القول بأن القيد دائما يكون للمراد لا الإرادة، فما ذكره (قدس سره) من أن المرض قيد للمراد دون الإرادة فإنها فعلية خلاف الوجدان.
والخلاصة أن شروط الحكم في مرحلة الجعل شروط لإرادة الفعل واتصافه بها في مرحلة المبادئ، كما أنها شروط لاتصافه بالملاك في هذه