تابع لعلته فإن وجدت وجد وإلا فلا، سواء أكان هناك لفظ أم لا لأنه ليس واقعا في سلسلة علله، بل المقصود منه دلالة اللفظ بالوضع على إيجاد المعنى بالإيجاد التصوري، على أساس أن المدلول الوضعي مدلول تصوري، فالإيجادية من شؤون المدلول التصوري للجملة الانشائية، كما أن الحكائية من شؤون المدلول التصوري للجملة الخبرية، ومن هنا تكون موجدية الجمل الانشائية محفوظة حتى في موارد صدورها عن هازل أو لافظ بلا شعور واختيار، لأنها محفوظة بالنظر التصوري، سواء ترتب مصداق حقيقي للمعنى الإيجادي على الجملة الانشائية كما في موارد المعاملات الواقعية الصحيحة أم لا، كما في موارد المعاملات الهزلية، مثلا إذا قال أحد بعت داري مثلا، فإن كان جادا في بيعها حكم بالصحة وترتب عليها ملكية المبيع للمشتري والثمن للبائع واقعا، وإن كان هازلا لم تترتب عليه الملكية، ولكن مع هذا فالموجدية بالنظر التصوري موجودة بمعنى أن المتبادر من هذه الجملة معنى فانيا في مصداق يرى بالنظر التصوري إيجاده بنفس الجملة وإن كانت صادرة عن لافظ بلا شعور.
وهذا هو المراد من إيجاد المعنى باللفظ، وعلى هذا فلابد أن يكون معنى الجمل الانشائية سنخ معنى نسبي قابل للايجاد لكي تدل الجملة على إيجاد مصداقه تصورا، مثلا معنى البيع هو التمليك وهو سنخ معنى نسبي قابل للانشاء والايجاد، فلذلك تدل صيغة بعت على إيجاد مصداقه وإن كانت في مقام الهزل أو كان اللافظ بها غير شاعر، غاية الأمر أنها تدل في هذه الحالة على الايجاد التصوري فحسب، وإذا كانت في مقام الجد فتدل على الايجاد التصديقي أيضا، وكذلك الحال في سائر صيغ الانشائية كصيغة النكاح والطلاق ونحوهما وصيغة الأمر والنهي وغيرهما، ولا فرق في ذلك بين الصيغ المشتركة بين الإخبار