شروطا للواجب.
ثم إن جعل شئ قيدا للوجوب في مرحلة الجعل إنما هو بأحد ملاكين:
الأول: أن يكون ذلك الشئ شرطا للاتصاف في مرحلة المبادئ وقيدا له، فإن ذلك هو قيد الوجوب وشرطه في مرحلة الجعل ولا يعقل أن يكون شرطا للواجب، ولا فرق بين أن يكون ذلك الشئ اختياريا كالاستطاعة أو غير اختياري، فإن الاستطاعة بما أنها دخيلة في اتصاف الحج بالملاك في مرحلة المبادئ وشرط له، فلا محالة تكون شرطا للوجوب في مرحلة الجعل ولا يعقل أن تكون شرطا للواجب، فما في هذا الوجه من جعلها شرطا للواجب فلا يرجع إلى معنى محصل.
الثاني: أن قيد الواجب إذا كان غير اختياري كالوقت، فلابد من أخذه قيدا للوجوب أيضا، إذ لو كان الوجوب مطلقا لزم التكليف بغير المقدور وأما الثانية وهي شروط الترتب فهي قيود للواجب ودخيلة في حصول الملاك وترتبه عليه خارجا، ولهذا يكون المكلف مسؤول أمامها وملزما بتوفيرها، باعتبار أن ملاك الواجب تام ووجوبه فعلي ولا حالة منتظرة له.
ومن هنا يظهر أنه لا يمكن أن ترجع جميع القيود إلى المادة، بداهة أن ما كان قيدا للاتصاف فلا يعقل أن يكون قيدا للمادة، بل لا محالة يكون قيدا للوجوب وهو مفاد الهيئة، فالنتيجة أن ما ذكره شيخنا الأنصاري (قدس سره) من أن جميع القيود ترجع إلى المادة دون الهيئة (1)، لا يمكن المساعدة عليه بوجه، وعلى هذا فإذا كانت القضية الشرطية ظاهرة في رجوع القيد إلى مفاد الهيئة، فيؤخذ به ولا موجب لرفع اليد عنه أصلا، هذا.