تكون لها علة مباشرة ومنها الكرات الهائلة التي تتحرك في الفضاء اللا متناهي فإنها باقية بعد حدوثها بدون علة مباشرة لها.
والخلاصة أن قانون التعاصر بين العلة والمعلول منقوض بظواهر الأشياء الطبيعية والصناعية التي تكشف بظاهرها عن استمرار وجود المعلول بعد زوال العلة وبقائه بعد انتهائها.
والجواب: أن هذا الاستدلال مبني على عدم فهم معنى العلية في الأشياء وعدم الوصول إليه كما هو الواقع حيث أنه أعمق من هذا وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك بشكل موسع في ضمن البحوث السالفة وننبه عليه هنا بصورة موجزة وهي أن خطأ المناقش والمستدل في المسألة نشأ من عدم تصور علة بقاء هذه الأشياء وتخيل أنها في بقائها ليست بحاجة إلى علة مباشرة ومنشأ الخطأ هو أن علة حدوث هذه الأشياء غير علة بقائها فإن علة حدوثها حركات أيدي المهندسين والفنانين وآلاف من العمال في بناء العمارات والدور وصنع الطرق والجسور والوسائل المادية الأخرى كالطائرات والسفن والسيارات والمكائن والمصانع وغيرها فإن عملية صنعها وإيجادها بشكلها الخاص ووضعها المخصوص نتيجة عدة من الحركات والجهود التي يقوم بها العمال ونتيجة تجميع المواد الخام من الحديد والخشب والآجر والحجر وغيرها من المواد وهذه الحركات هي المعلولة للعمال وهي صادرة عنهم باختيارهم ولهذا تنقطع تلك الحركات بمجرد اضراب العمال عن العمل وكف أيديهم عنها.
وأما علة بقاء تلك الظواهر والأشياء على وضعها الخاص فهو معلول لخصائص تلك المواد الطبيعية وحيويتها التي هي في صميم ذواتها وأعماق طبيعتها من ناحية وقوة الجاذبية العامة التي تفرض المحافظة على وضعها