لا اقتضاء له لأنه مقيد بعدم المانع والمفروض أنه مانع نعم أنه في نفسه تام وصالح للتأثير إلا أنه من جهة كونه مزاحما بما هو أقوى منه فلا يصلح أن يكون مؤثرا وبعبارة أخرى أن الجسم إذا كان أسود فعلا ففي هذه الحالة إما أن لا يكون مقتضى البياض موجودا فيه أو أنه موجود ولا كلام على الأول وعلى الثاني فإما أن يكون اقتضاؤه مطلقا وغير مشروط بعدم اقتضاء مقتضي السواد أو أنه مشروط بعدم اقتضائه أو أنه مقتضي للضد الذي لا يوجد الضد الآخر معه فالأول محال لأنه من اقتضاء المحال وهو اجتماع الضدين وأما الثاني فلا اقتضاء له لأنه مشروط بعدم اقتضاء مقتضى الضد الموجود ومع اقتضائه ينتفي اقتضاؤه بانتفاء شرطه ولا يمكن أن يكون اقتضائه في هذا الفرض منوطا بعدم وجود السواد فيه بحيث يكون وجوده مانعا عن تأثيره وذلك لأن الجسم إذا كان أسود كان كاشفا عن أن المقتضي له أقوى من مقتضي بياضه فالمانع عن تأثير مقتضيه هو أرجحية مقتضي السواد واقوائيته وهي تمنع عن تأثيره فيه ولا يعقل أن يكون مؤثرا في حال كونه مزاحما بأقوى منه وأرجح فإذن لا يمكن أن يكون وجود السواد فيه مانعا عن تأثيره بل المانع منه في المرتبة السابقة وهو مزاحمته بالأقوى في هذه المرتبة وهي مرتبة المقتضي وتأثيره منوط بعدم المانع.
فبالنتيجة عدم تأثيره في نهاية المطاف مستندا إلى ضعفه وقصوره في مقابل مقتضي السواد وبالإضافة إليه لا في نفسه.
وأما الفرض الثالث: ففيه أيضا لا يمكن أن يكون وجود الضد كسواد الجسم مانعا لأن مقتضى البياض فيه إذا صار أقوى من مقتضى السواد فبطبيعة الحال يمنع عن تأثير مقتضى السواد فيه بقاء وهذا معنى أن مقتضى البياض كما يقتضي وجوده فيه كذلك يقتضي اعدام السواد عنه بالمنع عن تأثير