القوة المحركة عنه بتدهين آلات الجهاز ومحركاته وتسوية الطريق ورفع الموانع والضغوط الخارجية فإذا افترضنا أن هذه الأمور تهيأت على ما يرام فقد استمر الجهاز في تحركه بعد انفصال القدرة المحركة عنه بسرعة معينة إلى غير حد معين.
والجواب: أن هذا الدليل خاطئ من ناحيتين:
الأولى: أنه مبني على عدم تصور معنى مبدأ العلية في الأشياء.
الثانية: أن من يقوم بهذه التجربة تخيل أن علة الحركة هي القوة المحركة الخارجية أما الناحية الأولى فسوف نشير إليه بعونه تعالى.
وأما الناحية الثانية فلأن التجربة حيث أن حدودها وحقلها لا تتعدى عن الأشياء المادية المحسوسة فلا تصلح أن تدلل على أسبابها وعللها التي هي أعمق منها وخارجة عن حدودها وحقلها لأنها مسألة فلسفية وليست مادية في حدود الحس فالتجربة توضح أن الحرارة توجد عقيب النار والفلز يتمدد بالحرارة وهكذا باعتبار أن ذلك واقع تحت مجهرة الحس وأما أن العلاقة بين وجود الحرارة ووجود النار وبين تمدد الفلز وبين الحرارة وهكذا هل هي ذاتية أو اتفاقية فلا يمكن إثباتها بالتجربة لأنها خارجة عن حقلها وحدودها الحسية.
والخلاصة: أن التجربة لا تدلل على علل الأشياء وأسبابها التي ورائها ومن هنا نحتاج في إثبات علية النار للحرارة مثلا إلى الفلسفة وتطبيق مبدأ العلية العام عليها وعلى هذا فالحركات العرضية للجسم كالحركات الميكانيكية تتولد جميعا عن قوة قائمة بنفس الجسم وأما القوة المحركة الخارجية فهي إنما تقوم بعملية إثارة هذه القوة الداخلية وإعدادها للتأثير خارجا لا أنها علة لسببين:
الأول: أن المعلول لا يمكن أن ينفصل عن العلة على أساس مبدأ التعاصر بينهما.