بحاجة إلى ملاك.
الوجه الرابع: أن الضدين كالسواد والبياض أو الحركة والسكون وهكذا لا يخلوان من أن يكون المقتضى لأحدهما موجودا دون الآخر أو لكليهما موجودا. وعلى الثاني فإما أن يكون المقتضيان متساويين أو يكون أحدهما أقوى من الآخر ولا رابع في البين أما على الفرض الأول فعدم الضد مستند إلى عدم ثبوت مقتضيه لا إلى وجود ضده الآخر وأما على الفرض الثاني فاقتضاء كل منهما أثره مشروط بعدم اقتضاء الآخر له تكوينا على أساس أن التزاحم بينهما بمستوى واحد ولكن هذا التساوي لا يتصور فيما لو كان أثرهما من الضدين الذين لا ثالث لهما وكانا من الأمور الطبيعية التي تتكون قهرا حسب النظام العلي فإن في ذلك لابد من أن يكون أحد المقتضيين أقوى وأرجح من الآخر حتى يكون هو المؤثر دون الآخر وأما إذا كانا من الأمور الإرادية التي تتكون بالإرادة والاختيار فلا مانع من فرض التساوي بينهما والترجيح حينئذ بيد الفاعل واختياره نعم إذا كان أثرهما من الضدين الذين لهما ثالث فلا مانع من افتراض التساوي بين مقتضيهما بلا فرق بين أن يكونا من الأمور الطبيعية القهرية أو من الأمور الإرادية الاختيارية وعلى جميع التقادير فعدم الضد الآخر لا يكون مستندا إلى الضد الموجود بل هو مستند إلى المزاحم لمقتضيه وهو المانع عن تأثيره دونه.
فالنتيجة أن في هذين الفرضين لا يعقل أن يكون عدم الضد مستندا إلى وجود الضد الآخر حتى يكون وجوده مانعا.
وأما على الفرض الثالث فعدم وجوده مستند إلى ضعف مقتضيه وقصوره في مقابل مقتضى الآخر فإنه حيث كان أقوى منه فيصلح أن يكون مانعا عن تأثير مقتضيه وعليه فيكون تأثيره مشروطا بعدم اقتضاء مقتضى الآخر ومعه