الثاني ليس بقاء لوجوده الأول لأنهما متباينان سنخا باعتبار أن الأول ممكن والثاني واجب وكلاهما خلف.
فالنتيجة أن هذه النظرية باطلة ولا ترجع إلى معنى محصل.
ومن هنا فالصحيح في المقام أن يقال سر حاجة الأشياء وهو إمكانها الوجودي وفقرها الذاتي فإنها بالنظر الفلسفي العميق عين التعلق والربط بعللها لا أنها شئ له الربط والتعلق بها فإنه لا ذات لها لأن ذاتها هي الربط والتعلق ومن الطبيعي أنه لا فرق في ذلك بين الوجود الأول لها المسبوق بالعدم وبين الوجود الثاني المسبوق بالوجود الأول لأنه ممكن والممكن عين الربط والفقر وإلا لزم الخلف ومن الواضح أن الربط لا يمكن بدون وجود ما يرتبط به والتعلق بدون ما يتعلق به ولهذا إذا زال ما يتعلق به زال التعلق إذ لا يعقل وجوده بدونه وإلا لزم أن يكون مستقلا فيه لا مربوطا وهذا خلف فيكون حاله حال المعنى الحرفي ومن هنا يجب أن يكون المعلول معاصرا للعلة لأنه عين الربط بها ولا يعقل وجوده بدونها فيدور مدارها حدوثا وبقاء وهذا هو مبدأ التعاصر بين العلة والمعلول وهذا المبدأ حتمي وضروري لأنه ناشئ من عمق الارتباط بينهما ذاتا ووجودا كما أن مبدأ التناسب والسنخية بينهما ضروري وحتمي باعتبار أن وجود المعلول من سنخ وجود العلة ومرتبة من مراتب وجودها النازلة ولهذا يترشح منها ويتولد فلو كان المعلول موجودا مستقلا أجنبيا عن وجود العلة استحال تأثيرها فيه بيان ذلك أن العلاقة بين شيئين تارة تعبر عن مجرد ارتباط يعرض لهما في الخارج بصورة عن وجوديهما ولذلك فالارتباط بينهما شئ ووجودهما فيه شئ آخر وذلك كالعلاقة بين الكاتب والقلم وبين القارئ والكتاب وبين الرسام واللوحة وبين الجل والفرس وهكذا فإن ارتباط الكاتب بالقلم الذي يكتب به وارتباط القارئ