دار التحقق والوجود في موضوع واحد لا بمعنى مانعية كل منهما عن الآخر بحيث يكون عدمه من أجزاء العلة التامة له ولهذا لا يكون عدم أحدهما متقدما رتبة على وجود الآخر بل هما في رتبة واحدة بلا تقدم وتأخر في البين إذ لا موجب لذلك بعد ما كان التمانع بينهما بمعنى المعاندة والمنافرة في الوجود فقط لا بمعنى المانعية حتى تقتضي التقدم الرتبي ثم الظاهر أن هذا هو مراده (قدس سره) فإنه أراد به نفي مقدمية عدم الضد للضد الآخر باعتبار أن تقدمه عليه رتبة بحاجة إلى ملاك وجودي فإذا لم يكن فهما في رتبة واحدة إذ يكفي في المعية الرتبية عدم الملاك للتقدم ولا تتوقف على ملاك وجودي.
وهنا مناقشتان:
الأولى: أن الظاهر مما ذكره (قدس سره) هو أن سبب كونهما في رتبة واحدة عدم التنافي بينهما وكمال الملائمة لا التمانع وفيه أن كمال الملائمة وعدم المنافاة بينهما لا يكشف عن كونهما في رتبة واحدة فإن بين العلة والمعلول كمال الملائمة مع أنهما في رتبتين طوليتين وهكذا.
الثانية: أن ما ذكره (قدس سره) من أن المنافاة بين النقيضين لا تقتضي تقدم ارتفاع أحدهما على ثبوت الآخر لا يرجع إلى معنى معقول لأن ارتفاع أحد النقيضين عين الآخر فكيف يعقل تقدمه عليه مثلا الإنسان وعدمه نقيضان وارتفاع الإنسان عين عدمه مفهوما وخارجا وارتفاع عدمه أي عدم عدم الإنسان وإن كان مغايرا له مفهوما ولكنه عينه خارجا فإذن كيف يتصور كون المنافاة بينهما تقتضي تقدم ارتفاع أحدهما على الآخر ولا يقاس ذلك بالضدين فإن عدم الضد مغاير للضد الآخر مفهوما ومصداقا.
الاحتمال الثاني: ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) من أن المعاندة والمنافرة كما تقتضي استحالة اجتماعهما في دار التحقق والوجود في زمان واحد كذلك