التهافت والتناقض بينهما، فإذن بطبيعة الحال تكون هذه الأصالة معارضة بأصالة البراءة عن وجوب الوضوء نفسيا.
وعلى الجملة فالعقاب ليس على ترك الوضوء بما هو هو بل العقاب إما على تركه كذلك أو على أن تركه يستلزم ترك الصلاة، ففي الحقيقة يكون العقاب على ترك الصلاة، فإذا كان العقاب على ترك الصلاة مدفوعا بأصالة البراءة عن وجوبها فلا علم بالعقاب على ترك الوضوء على كل تقدير، فإذن لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوب الوضوء نفسيا من هذه الناحية أي من ناحية العلم التفصيلي بالعقاب لولا معارضتها بأصالة البراءة عن وجوب الصلاة، وغير خفي أن هذه المناقشة وإن كانت لها صورة فنية إلا أنه لا واقع موضوعي لها، لأن أصالة البراءة في المقام لا تجري في نفسها عن وجوب الوضوء النفسي الذي هو أحد طرفي العلم الاجمالي، لأنه إن أريد بها التأمين من العقوبة على تركه والترخيص فيه فهو لا يمكن، لأن العقوبة على تركه متيقنة على كل تقدير أي سواء كان واجبا نفسيا أم كان قيدا لواجب آخر، والترخيص فيه ترخيص في المخالفة القطعية العملية كذلك، فإذن كيف تجري أصالة البراءة عنه، وإن أريد بها إثبات أنه قيد له لا كونه واجبا نفسيا، ففيه أنه لا يمكن إلا على القول بالأصل المثبت.
والخلاصة أن أصالة البراءة عن الوجوب النفسي للوضوء لا تجري بنفسها وبقطع النظر عن أصالة البراءة عن تقيد الواجب الآخر به، فلهذا لا يكون سقوطها من جهة المعارضة، فإن سقوط الأصالة في أطراف العلم الاجمالي بالمعارضة إنما هو في فرض أنها تجري بنفسها في كل طرف من أطرافه وبقطع النظر عن جريانها في الطرف الآخر. ولكنها تسقط لمكان المعارضة. وأما في المقام فحيث إن أصالة البراءة عن وجوب الوضوء النفسي