جريانه في الطرف الآخر هذا.
وقد يناقش فيه بتقريب أن ما هو معلوم تفصيلا في المقام وجوب الوضوء الجامع بين النفسي والغيري والجامع بما هو لا أثر له، ولهذا يرجع هذا العلم التفصيلي إلى العلم الاجمالي إما بوجوب الوضوء نفسيا أو وجوبه غيريا، ومعنى كونه غيريا أنه قيد لواجب نفسي وشرط له كالصلاة مثلا، فإذا فرضنا أن شخصا كان يعلم أنه حين دخوله في المسجد نذر ولكنه لا يدري أن متعلق نذره الصلاة ركعتين فيه أو الوضوء فحسب، ففي مثل ذلك كان يعلم إجمالا إما بوجوب الصلاة ركعتين فيه أو الوضوء، وحينئذ وإن كان وجوب الوضوء الجامع بين النفسي والغيري معلوما تفصيلا، إلا أنه في الحقيقة علم بالجامع المردد بين فردين هما النفسي والغيري، وهذا العلم الاجمالي يوجب التعارض بين أصالة البراءة عن وجوب ركعتين من الصلاة وأصالة البراءة عن وجوب الوضوء نفسيا فتسقطان من جهة المعارضة.
ودعوى أن العقاب على ترك الوضوء معلوم على كل تقدير إما لنفسه أو لاستلزامه ترك الصلاة في المثال، فلذلك لا يمكن الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوبه فتبقى حينئذ أصالة البراءة عن وجوب الصلاة بلا معارض فينحل العلم الاجمالي بها حكما.
مدفوعة بأن العقاب على ترك الوضوء مردد بين العقاب على تركه لنفسه والعقاب على تركه لاستلزامه ترك الصلاة فالمعلوم أحد العقابين، وعلى هذا فلو جرت أصالة البراءة عن وجوب الصلاة فهي تدفع احتمال العقاب على تركها، وعلى هذا فلا علم بالعقاب على ترك الوضوء على كل تقدير فإنه على تقدير كونه قيدا للصلاة فلا عقاب على تركه، فالجمع بين العلم بالعقاب على ترك الوضوء على كل تقدير وبين أصالة البراءة عن وجوب الصلاة لا يمكن لمكان