المكلف مخير بين الاتيان بالوضوء قبل الوقت وبعده قبل الصلاة وبعده (1) هذا.
ولكن يمكن المناقشة فيما أفاده (قدس سره) في جميع الجهات المذكورة.
أما في الجهة الأولى، فلأن أصالة البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء معارضة بأصالة البراءة عن الوجوب النفسي له، وذلك لأن العلم التفصيلي بوجوبه الجامع بين النفسي والغيري لا قيمة له، لأن وجوبه في الواقع إن كان غيريا فلا أثر له بلحاظ نفسه، وإما بلحاظ كون متعلقه قيدا للصلاة وإن كان له أثر وتجري أصالة البراءة عن تقييدها به في نفسها عند الشك فيه، إلا أن هذه الأصالة معارضة بأصالة البراءة عن الوجوب النفسي للوضوء، وما ذكره (قدس سره) من أن الشك إنما هو في تقييد الصلاة بالوضوء لا في وجوب الصلاة ولا في وجوب الوضوء غير تام، لأن الشك في تقييد الصلاة بالوضوء منشأ للشك في أن وجوب الوضوء نفسي أو غيري والعلم بوجوبه الجامع بينهما في الحقيقة يرجع إلى العلم الاجمالي بأنه إما واجب مستقل أو قيد للصلاة، وهذا العلم الاجمالي يمنع عن جريان الأصول المؤمنة في أطرافه، لأن أصالة البراءة عن تقييد الصلاة بالوضوء معارضة بأصالة البراءة عن وجوبه النفسي فتسقطان معا من جهة المعارضة فيكون العلم الاجمالي منجزا، ومقتضى تنجيزه وجوب الاتيان بالصلاة مع الوضوء، وعندئذ يعلم بالموافقة سواء كان وجوب الوضوء غيريا أم نفسيا.
وأما في الجهة الثانية فقد ظهر حالها مما ذكرناه الآن، وذلك لأن أصالة البراءة عن الوجوب النفسي للوضوء قبل الوقت معارضة بأصالة البراءة عن تقييد الصلاة به للعلم اجمالا بأن الوضوء إما واجب مستقل أو قيد للصلاة