وبالجملة: ما يجعل الكلام محتملا للصدق والكذب هو الحكاية التصديقية عن نفس الامر، لا النسبة، ضرورة عدم إمكان اشتمال الحمليات الغير المؤولة على النسبة مع احتمال الصدق والكذب فيها.
فما اشتهر بينهم: أن النسبة تامة وناقصة، ليس على ما ينبغي، فإنها في جميع الموارد على نهج واحد، فالنسبة في قوله: (زيد له القيام)، و قوله:
(زيد الذي له القيام) بمعنى واحد، وإنما الفرق بين الجملتين بهيئتهما، فإن الهيئة الخبرية وضعت للحكاية التصديقية بخلاف غيرها.
ثم إن مناط الصدق والكذب هو مطابقة الحكاية لنفس الامر وعدمها، فقولنا: (الله تعالى موجود) حكاية تصديقية عن الهوهوية بين الموضوع والمحمول، ومطابق لنفس الامر، بخلاف: (الله له الوجود)، فإنه حكاية تصديقية عن عروض الوجود له تعالى، وهو مخالف للواقع، وقولنا:
(شريك الباري ليس بموجود) مطابق لنفس الامر، لأنه حكاية عن خلو صفحة الوجود عنه، والواقع كذلك، بخلاف: (شريك الباري غير موجود، أو لا موجود) بنحو الايجاب العدولي، لان الموجبة - مطلقا - تحتاج إلى وجود الموضوع في ظرف الاخبار، وشريك الباري ليس في نفس الامر شيئا ثابتا له غير الموجودية، إلا أن يؤول بالسالبة المحصلة، كالتأول في مثل: (شريك الباري ممتنع، أو معدوم).
فتحصل: أن مناط الصدق والكذب في السوالب مطابقة الحكاية التصديقية، لنفس الامر، بمعنى أن الحكاية عن سلب الهوهوية أو سلب الكون