والتغني وأخرى يكون فعله المتعلق بموضوع خارجي كإكرام العالم وتوهينه وعلى أي تقدير فتارة يكون المطلوب الطبيعة السارية في كل فرد وأخرى صرف وجوده ولا يخفى أن الشق الأول من الأول في الواجبات الشرعية غير متحقق كما أن الثاني من الثاني أيضا كذلك بل الواجبات ما كان منها غير متعلق بأمر خارج عنه يكون مورد التكليف فيها صرف وجوده وما كان منها متعلقا بأمر خارجي يكون متعلق التكليف فيها الطبيعة السارية في ضمن أي وجود من متعلقاته نعم في النواهي الشرعية جميعها من قبيل الطبيعة سواء تعلق بموضوع كالاجتناب من الخمر وتوهين المؤمن أم لم يتعلق كالغناء والكذب وأمثالهم ثم إن في صورة إناطة الفعل بأمر خارجي تارة يكون التكليف منوطا به شرعا وأخرى يكون مطلقا بحيث يجب إحداث الموضوع في الأوامر مع تمكنه منه أو إعدامه في النواهي مع عدم التمكن عن اجتنابه إلا به والظاهر أن غالب الواجبات المنوطة بالموضوع الخارجي من قبيل الأول كما أن في المحرمات عكسه كيف وعلى فرض إناطة وجوب الاجتناب بوجوده لا يقتضي مثل هذا التكليف إعدام ظرفه إذ ليس تركه ولو بإعدام موضوعه مطلوبا فكيف يقتضي الطلب المنوط بوجود الشيء بالاجتناب إعدام شرطه لأن شأن الواجب المشروط ليس إلا توجيهه في ظرف وجود الشرط بلا اقتضائه حفظ الشرط ولا إفنائه كما هو أوضح من أن يبين وعلى هذا الأساس يبتني ما هو المعروف من عدم حرمة الإقدام على موضوع حكمه ضرري أو حرجي كالإقدام على الجنابة في الهواء البارد وإلا فلو فرض كون التكليف من ناحية حفظ الموضوع أيضا مطلقا لم يلتزم أحد بجواز الإقدام بعمل يكون امتثاله حرجيا كما لا يخفى
(١٣٦)